- صاحب المنشور: عبد القدوس الزوبيري
ملخص النقاش:
تُثبت تقنيات الذكاء الاصطناعي تقدّمًا مذهلًا ومثيرًا للإعجاب؛ فقد تحسّنت قدرتها على التعلم والتفكير والتقليد إلى حدٍ جعلها تُحقِق نتائج مثيرة للدهشة. لكن هذه التقنية الحديثة تحمل أيضًا تحديات أخلاقيّة عميقة تحتاج إلى بحث مستفيض وإجماع مجتمعي حول كيفية استخدامها والاستفادة منها بأمان وعدالة. إن الآثار العميقة لهذه التكنولوجيا تتعدى مجرد كونها مجرد أدوات ذكية حاسوبيًا - فهي تؤثر على هويَّتنا الإنسانيَّة وكيف نفهم العالم الذي نعيش فيه.
أولى القضايا الأساسية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي تتمثل في مشكلة الحياد والتحيُّز. مع تزايد اعتماد الأنظمة المدربَة ذاتياً مثل الشبكات العصبونية، يظهر تمظهر التحيز الاجتماعي والموروث التاريخي ضمن بيانات التدريب الخاصة بها. فإذا لم يتم تصحيح هذا الانحياز وتحليله بعناية، قد يؤدي ذلك إلى اتخاذ قرارات متحيزة بناءً على معلومات خاطئة أو غير كاملة. وهذا يشكل خطراً كبيراً خاصة عندما يتعلق الأمر بتطبيقات الحساسية كالتمييز العنصري والجندري وغيرهما.
من جانب آخر، غياب الشفافية يعد مصدر قلق آخر ملحوظ بشأن تكنولوجية الـAI. بينما يستمر تطوير خوارزميات أكثر تعقيدا وأكثر قوة باستمرار، ينمو الغموض أيضا حول كيف ومتى ولماذا تقوم تلك الخوارزميات بإصدار حكم معين. وهذا يقودنا نحو عدم الوضوح اللازمة لاتخاذ القرار وتفسير القرارات التي سيؤثر تأثير عظيم على حياة الناس. وفي النهاية، ربما نسقط فريسة لآلات لا نستطيع فهمها ولا التحكم بها.
بالإضافة لما سبق، فإن موضوع المسؤولية القانونية والأخلاقية مرتبط ارتباط وثيق بموضوع الشفافية. إذا اخترقت سيارة ذاتية القيادة اشارة مرور ولم يكن هناك شخص محدد يمكن تحميله المسؤولية القانونية للأفعال المعنية، ستكون هنالك حاجة لبناء أساس قانون جديد ليحل محل النظام الحالي المبني على البشر. وهذه العملية طويلة وصعبة للغاية وستحتاج لأنظمة قانونية جديدة تضمن عدالة فعالة وآلية لتحديد المسؤوليات عند حدوث أحداث مؤسفة.
وأخيراً وليس آخراً، تأتي مسألة العمل والإنتاجية كمصدر رئيسي للتوترات الاجتماعية المحتملة بسبب ظهور الذكاء الصناعي. حيث قد يحل العديد من الأعمال اليدوية والعقلانية مكان العمالة البشرية مما يتسبب بفقدان فرص عمل وجهد كبير لإعادة تدريب مهارات المواطنين. كما أنه يوجد خطر ضخم للاستغلال الاقتصادي والفكري عبر عالم مليء بالموارد الرقمية المفتوحة المصدر والتي يمكن لأصحاب الثروات الكبير الاستحواذ عليها واستخدامها لصالح مصالحهم الخاصة دون اعتبار للمصلحة العامة. لذلك، تبدو ضرورة وجود تشريع وقوانين رادعة ضد أي شكل من أشكال احتكار المعلومات أمر جد مهم لتحقيق العدالة الاجتماعية ومساواة الفرص بين الجميع.
وفي المجمل، تعد هذه الاعتبارات الأخلاقية والقانونية أمورا جوهرية لحماية الإنسان وضمان استدامته المستقبليه سواء كان ذلك متعلقا بحقوقه الفرديه ومكافحة التحيز المجتمعي او حتى بالنسبة لمساهمته فى ازدهار اقتصاد الدول المختلفه . فالاخلاق هنا ليست دعوة للحذر ولكن هي الضمان الرئيسي لاستخدام وتطوير اختراع مفعم بالإمكانيات ولكنه محفوف أيضاً بالتحديات الكبيرة والمصيرية مثل الذكاء الاصطناعي الحديثه.