- صاحب المنشور: غسان البلغيتي
ملخص النقاش:يشهد العالم اليوم تزايداً ملحوظاً في حركة العمل التطوعي، التي تعد إحدى أهم الركائز الأساسية لتعزيز التلاحم الاجتماعي والتنمية الشاملة. وفي هذا السياق، يبرز دور العمل التطوعي في المجتمع الإسلامي كأداة فعالة لتطبيق القيم الإسلامية والمبادئ الأخلاقية. إلا أنه رغم الأهمية البالغة لهذا الدور، فإن العديد من التحديات تواجه منظمات وممارسي العمل التطوعي داخل مجتمعاتنا اليوم.
من بين هذه التحديات، نجد الفجوة المعرفية حول ماهية العمل التطوعي وأهدافه وقيمه لدى بعض أفراد المجتمع. فهناك سوء فهم متكرر لأفكار مثل "الاستغلال" أو "الخسارة المالية"، الأمر الذي قد يؤدي إلى عزوف عدد كبير من الأفراد المحتملين عن الانخراط في جهود تطوعية. بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما تفتقر المؤسسات والشركات المحلية للخبرة اللازمة لإدارة مشاريع تطوعية فاعلة وبناء شراكات مع المنظمات الدولية المتخصصة في مجال العمل التطوعي.
التحديات اللوجستية والتنظيمية
تتطلب إدارة المشاريع التطوعية جهدا تنظيميا هاما، خاصة عند التعامل مع مجموعات متنوعة من المتطوعين ذوي خلفيات مختلفة. فقد تتسبب الاختلافات الثقافية والعمرية وفروقات الخبرة في حدوث مشاكل تحتاج لحلول مبتكرة وعادلة. كما يتعين على المسؤولين عن إدارة الأعمال الخيرية وضع خطط عمل واضحة وتوفير موارد مادية مناسبة لتحقيق الأهداف الموضوعة.
وفي ظل التغيرات الاجتماعية والتكنولوجية المستمرة، هناك حاجة ماسّة للتكيف والابتكار باستمرار. فلا يمكن تجاهل تأثيرات وسائل الإعلام الجديدة والثورة الرقمية على توجهات الناس واستراتيجيات جمع الأموال والدعاية للمشاريع المختلفة. ويجب استخدام التقنيات الحديثة لصالح نشر رسائل الإيجابية وتعزيز روح العطاء والعمل الجماعي.
دور المرأة في العمل التطوعي
تشكل مشاركة المرأة في الأنشطة التطوعية عاملا حاسما لتحقيق الأهداف الإنسانية والخيرية. لكنها تبقى محدودة بسبب العقبات الاجتماعية والنظام القانوني غير المؤازر لمشاركة النساء الكاملة في الحياة العامة خارج المنزل. وهذه قضية جديرة بالنقاش والحوار بهدف تعزيز حقوق المساواة وتمكين السيدات من خدمة مجتمعهن واتخاذ أدوار قيادية في مجموعة واسعة من المجالات التطوعية.
بمعزل عن تلك الصعوبات، يبقى العمل التطوعي ركيزة أساسية لبناء مجتمع آمن ومتماسك ومتعاون. فهو يعكس جوهر الدين الإسلامي الذي يحث على التراحم وصلة الرحم والمواساة للأقارب والجيران والبشر عامة. ولذلك، فإن مواجهة تحديات الحاضر وإصلاح مسارات الماضي هي مفتاح مستقبل أكثر إشعاعا وتنمية شاملة.