- صاحب المنشور: عز الدين بن فارس
ملخص النقاش:
تعتبر العلاقة بين الإسلام والديمقراطية موضوعاً مثيراً للجدل ومحيراً عند العديد من المسلمين حول العالم. وعلى الرغم من وجود آراء وتفسيرات مختلفة لهذا الموضوع، إلا أنه يمكن توضيح منظور شامل يتماشى مع تعاليم الإسلام والقدرة على تطبيق الديمقراطية بطريقة توافق القيم الإسلامية الأساسية.
في جوهرها، تعتمد الديمقراطية على احترام حق الشعب في تقرير مستقبل بلاده عبر انتخاب حكومته وضمان حقوق الإنسان والحريات المدنية. تتماشى هذه المبادئ العامة للديمقراطية إلى حد كبير مع قيم العدالة والمساواة والكرامة الإنسانية التي يدعو إليها الإسلام. ومع ذلك، فإن الفروقات الرئيسية تكمن في تفاصيل كيفية تنفيذ تلك المفاهيم وكيف تتوافق مع التعاليم الخاصة بالدين الإسلامي.
أولاً، يشدد الإسلام بشدة على أهمية الشورى ("الشورى" هي كلمة عربية تشير إلى التشاور والاستشارة)، وهو مبدأ دستوري تم التأكيد عليه في القرآن والسنة النبوية. يقول الله تعالى في القرآن الكريم: "وعززهم بأموال وأبناء وجنّات... وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتباً، فَرِهنٌ..." (سورة محمد). يشجع هذا الآية الكريمة المسلمون على طلب المشورة واحترام الرأي الآخر قبل اتخاذ القرارات الهامة. وهكذا، يمكن اعتبار الشورى أحد ركائز العملية الديمقراطية حيث يتم تمثيل المواطنين بحرية ويتفاعلون بنشاط لتشكيل السياسات المجتمعية.
ثانياً، تدعو بعض المدارس الفقهية داخل الإسلام بشكل خاص إلى شكل من أشكال الحكم يعرف باسم "الحكم الراشدي"، الذي ينطوي أيضاً على عناصر ديمقراطية مثل الانتخابات والتداول السلمي للسلطة والمشاركة الشعبية. ويذكر ابن خلدون، المؤرخ والفيلسوف العربي الكبير، كيف قام الخلفاء الراشدين بتعيين وزراء منتخبين بناءً على توصيات عامة الناس للمشاركة في إدارة الدولة تحت سلطتهم النهائية كخليفة لله على الأرض.
بالإضافة لذلك، يؤكد علماء الدين المعاصرون مثل الشيخ يوسف القرضاوي على ضرورة التكيف مع الظروف الاجتماعية والثقافية المتغيرة دون المساس بالقواعد الأخلاقية الجوهرية للإسلام. وبالتالي، يجيزالقرضاوي تطبيق نظم سياسية أكثر استجابة لاحتياجات مجتمع القرن الحادي والعشرين طالما أنها تحترم الضوابط الإسلامية وقيم الرحمة والإنسانية العالمية.
وفي الوقت نفسه، هناك تحديات واضحة تحتاج للتأكيد عليها عندما يتعلق الأمر بإقامة نظام حكم إسلامي ديمقراطي فعال. فعلى سبيل المثال، قد تؤثر القوانين الغير موافقة للشريعة الإسلامية والتي تتعارض مع أحكام الشرع المطهر بشكل مباشر أو غير مباشر. وعليه، فإنه من الواجب وضع حدود قانونية تضمن عدم انتهاكات شريعة الله وتحافظ على ثوابتها الأربعة - العقيدة والشريعة والأخلاق والأخوة – كما ذكر الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين رحمه الله.
ومن المهم أيضا النظر فيما يسميه المحلل السياسي الشهير عبد الرحمن بدوي بـ"الديمقراطية ذات الوجوه الثلاثة": الأوروبية والبريطانية الأمريكية والروحية العربية الإسلامية. وبينما تتمتع الأولى بمكانة راسخة ضمن المنظومة السياسية الدولية الحدي