• صاحب المنشور: بثينة الحمودي
  
  ملخص النقاش:
  تزايد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتقنيات الرقمية الحديثة أدى إلى تغييرات واضحة ومهمة تشمل العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة. هذه الظاهرة المعروفة باسم "النقلة الرقمية" لها آثار متعددة تتطلب دراسة وتحليل معمّقان لتحديد تأثيرها الإيجابي والسالب على روابط وأواصر الأسرة.

التحولات الجوهرية

أولاً، هناك زيادة ملحوظة في وقت الانفصال بين أفراد العائلة بسبب الاعتماد المتنامي على الشاشات الإلكترونية. قد يقضي الأطفال والكبار ساعات طويلة كل يوم أمام الهواتف الذكية والأجهزة المحمولة الأخرى مما يؤدي لتحويل تركيز الانتباه بعيدا عن الحوار والتفاعل الشخصي مع الوالدين أو الأشقاء. هذا الوضع يمكن أن يضعف المهارات الاتصالية والحميمية داخل البيت الواحد ويخل بالنسيج التقليدي للعلاقات الشخصية التي تعتمد أساسا على تواجد جسداني وتواصل مباشر.

ثانياً، رغم القدرة الجديدة للتواصل عبر المسافات، إلا أنها غالبا ما تصبح غير شخصية وبلا عمق عاطفي مقارنة باللقاء وجها لوجه. فرسائل الهاتف والمكالمات الفيديو تفتقر للحركات اللالفظية الدقيقة والعناق الذي يعد جزءا حيويا من التعزيز النفسي لدى البشر. بالإضافة لذلك، فإن توفر المعلومات الفورية والاستمرار الدائم للوصول للانترنت يخلق ضغوطا دائمة للأعضاء الأصغر سنًا لإشباع رغبتهم المعرفية والتي ربما تمتد خارج نطاق الوقت المناسب للمذاكرة أو الراحة الطبيعية بعد العمل اليومي.

بالإضافة لما سبق، ظهرت أيضا فرص جديدة لصنع ذكريات مشتركة مثل مشاهدة مقاطع فيديو YouTube أو لعب ألعاب القوى عبر الإنترنت كوسيلة لمشاركة تجربة فريدة تجمع الأفراد حول اهتمام مشترك. ولكن يبقى التحدي الأكبر يتعلق بحماية خصوصية المستخدمين والمعرفة المشتركة ضد المخاطر المحتملة المرتبطة باستخدام الشبكات العنصرية واستخدام البيانات الخاصة بطريقة غير آمنة وغير أخلاقية.

وفي حين نشهد تحولا نحو المجتمع الرقمي أكثر فأكثر، فإنه يستحق البحث عن توازن مناسب بين الاستمتاع بمزايا العالم الحديث واحترام قيمنا الثقافية والدينية الضرورية لبناء مجتمع صحّي ومستدام حيث تحتفظ المؤسسات الأسريّة بقوتها وصلابتها وسط الرياح الكونية المتغيرة بسرعة كبيرة.