حقوق الأراضي في المجتمعات الريفية: بين الاستقرار والتوسع الزراعي

في سياق مجتمعكم الذي شهد فترة من الفوضى والفلتان الأمني، برزت قضية استخدام الأراضي الواسعة في باديتكم. وقد تم تسليط الضوء على مشكلة تحول هذه الأراضي،

في سياق مجتمعكم الذي شهد فترة من الفوضى والفلتان الأمني، برزت قضية استخدام الأراضي الواسعة في باديتكم. وقد تم تسليط الضوء على مشكلة تحول هذه الأراضي، والتي كانت تقليدياً مخصصة للرعي فقط، إلى مناطق زراعية بسبب تصرفات أشخاص فرديين. ولكن ما مدى شرعية هذا التصرف وفقاً للشريعة الإسلامية؟

وفقاً للأحكام الشرعية، فإن الحديث النبوي الشريف "من أحيا أرضا فهي له"، يشير إلى أن الشخص الذي يقوم باستصلاح أرض خالية عبر إجراء عملية إعادة تأهيل مثل حفر بئر، بناء سور، أو وصل مصادر مائية، يمكن اعتبار تلك الأرض ملكاً له. ومع ذلك، هناك شروط يجب مراعاتها لتحديد صحة الملكية بهذه الطريقة.

الأرض المُعتبرة "ميّتة" تحتاج أولاً إلى أن تكون بلا صاحب معروف أو حقوق مرتبطة بها بشكل محدد. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي ألّا تكون بالقرب من المناطق المعيشية(العمران)، وأن تمتلك خصائص خاصة بالمعيشة كالطرق العامة، المساحات المفتوحة أمام المنازل، أماكن الاحتطاب، وأماكن رعي الحيوانات. إذا كانت الأرض قريبة جداً من هذه المقومات الحيوية للعمران، فلا يجوز لأحد استقلاليتها واستخدامها بغرض الزراعة.

أما بالنسبة للأراضي البعيدة نسبياً عن العمران وبحيث أنها ليست ذات أهمية قصوى للسكان المحيطين (مثل عدم كونها مكاناً لرعي قطعانهم)، فإنه يكون جائزاً لاستصلاحها وتحويلها لوظائف جديدة بشرط القيام بذلك بدون إلحاق ضرر بالأشخاص الآخرين الذين قد يكون لهم حق الوصول الطبيعي لهذه المنطقة سابقاً.

ومن الجدير بالذكر أيضاً أنه سواء قام الشخص بتجديد الأرض بالإذن الرسمي من السلطات المحلية أو بدون هذا الإذن، فالملكية ستكون متاحة طالما حدث الأمر داخل حدود دولة إسلامية. حيث تعتبر العقارات ضمن المجالات العامة التي يمكن اكتساب ملكيتها دون حاجة لإذن خاص كما يحدث مثلاً عند الحصول على ممتلكات شخصية أخرى غير عقارية.

وفي نهاية المطاف، يتضح لنا أن التعامل مع الأراضي خارج المدن يحتاج لتحقيق توازن دقيق بين الحقوق الشخصية والحاجات الاجتماعية المشتركة للحفاظ على التنمية المستدامة والاستقرار الاجتماعي.


الفقيه أبو محمد

17997 Blog posting

Komentar