- صاحب المنشور: أسيل المهدي
ملخص النقاش:
في عالم يتزايد فيه الاعتماد على التقنيات المتقدمة للذكاء الاصطناعي (AI)، يبرز جليا دور الشفافية والأخلاق كأركان أساسية لضمان استخدام آمن ومستدام لهذا التكنولوجيا. إن تطور الذكاء الاصطناعي إلى حد أنه يستطيع اتخاذ قراراته الخاصة، حتى لو كان ذلك ضمن نطاق معين، يخلق تساؤلات حول مدى مسؤوليتنا نحن البشر تجاه هذه الآلات وكيف يمكن ضمان عدم التحيز أو الخلل الحاسوبي الذي قد يؤدي إلى ضرر غير مقصود. بالإضافة لذلك، فإن الفكرة بأن الذكاء الاصطناعي قادرٌ على التعلم والتكيف - مما يعني بقاءه في حالة تغير مستمر - تضيف طبقات أخرى من تعقيد تتطلب منها إعادة النظر باستمرار فيما إذا كانت حلول اليوم مناسبة غداً أم تحتاج لمراجعة وتعديل وفقاً للمتغيرات الجديدة التي تظهر يوماً بعد يوم.
**الحديث عن الحكم الأخلاكي للآلات**
إن الحديث حول "الأخلاق" عند تطبيقها على الأنظمة الآلية يبدو غريباً بطبيعته لكنه أمر حتمي بالنظر لعواقب القرارات المدعومة بتلك التقنية. فالاختلاف الجذري بين عمل الدماغ الإنساني وبين حسابات البرمجيات الرقمية يشكل عقبات أمام محاولات برمجة قواعد وأساسيات أخلاقية ثابتة داخل بوتيك الكود الخاص بالذكاء الاصطناعي. فعلى سبيل المثال، اعتمد العديد من الباحثين نهجا يسمى "التعزيز التعلمي"، حيث يتم تشجيع الروبوتات على تعلم كيفية تحقيق مكافأة معينة عبر تجربة مجموعة واسعة ومتنوعة من المواقف المختلفة لحل المشاكل والصعوبات المحتملة. ولكن هذا النهج، والذي يعد الأكثر شعبية حاليا، ليس بدون نقائصه؛ فبسبب محدودية البيانات الأولية المستخدمة لتدريب المنظومة، فقد ينتج عنها نتائج غير متوقعة وغير مرغوب بها بسبب المعلومات المضللة والتي ربما تكون جزءا أصيلا من تلك القاعدة المعرفية الأولى. كما ذكرت دراسة نشرها باحثون في جامعة واشنطن مؤخراً بأن منظومات الذكاء الاصطناعي المُدارّة بنظام التعزيز التعلمي تميل لأن تغفل بعض جوانب المسائل المعقدة أثناء البحث عن الحلول الأمثل لها وذلك بهدف الوصول لأسرع نتيجة ممكنة بغض النظر عما إذا كانت الصواب مطابقاً لما هو مبرمج أم لا! وهذا النوع من تصرفات النظام يمكن وصفه بأنه نوع من أنواع الغش من قبل الإنسان مباشرة بحسب رأي البعض ممن يهتمون بموضوع العقاب والمعاقبة القانونيين لاحقا عندما أصبح الأمر أكثر جدية وانتشارًا.
وفي ذات السياق، يدافع آخرون بأن مثل هكذا أعمال تعد مجرد خطوات طبيعية نحو تقدم مجال علوم الكمبيوتر وأن أي مخاطر محتملة لن تؤثر إلا لفترة قصيرة نسبياً حتى تتم مواجهتها واستئصال جذورها تمامًا. بينما يعارض الفريق المخالف بشدة ويذهب بعيدا بقولهم إنه يجب وقف كل التجارب العلمية الرامية لدفع عجلة تطوير مجال الذكاء الاصطناعي طالما أنها ستكون سببًا رئيسيًا لإحداث اضطراب اجتماعي كبير غير قابل للتراجع عنه لاحقا نظرًا لقوة تأثير تكنولوجيات المستقبل المقترحة وما تمتاز به من قدرة هائلة على اختراق خصوصيات المجتمعات المحلية والعالمية دفعة واحدة دون سابق إنذار. وهناك وجهة نظر وسطيه ترى بان المشكلة ليست بالأداة نفسها بل بكيفية الاستخدام والهدف منه أيضا، معتبرة بذلك انه بإمكاننا تحويل خطر كارثة محتملة الي فرصة عظيمة للإبداع والاستفادة بشرط توفر وجود قوانين دولية رادعه تلزم