- صاحب المنشور: ناديا الصمدي
ملخص النقاش:
### تحديات وآفاق التعليم الافتراضي أثناء جائحة كوفيد-19
في ظل الظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة كورونا (كوفيد-19)، واجهت الأنظمة التعليمية حول العالم تحديًا كبيرًا يتمثل في انتقالها نحو التعلم الإلكتروني والتعليم الافتراضي. ورغم الفوائد العديدة لهذا النوع من التعليم مثل الوصول إلى المعلومات والمعرفة وضمان السلامة الصحية للمتعلمين والمعلمين، إلا أنه قد ظهرت بعض التحديات الرئيسية والمخاوف بشأن فعاليته واستدامته على المدى الطويل. وفيما يلي تحليل لهذه التحديات والأفق المحتمل للتعليم الإلكتروني بعد انتهاء الجائحة.
أولاً، يعد عدم تساوي الفرص بين الطلاب أحد أكبر المشاكل المتعلقة بالتعليم عبر الإنترنت. فبينما يملك بعض الطلاب الأدوات والبنية التحتية اللازمة لدخول بيئة تعليم افتراضية - كالوصول إلى الأجهزة المحمولة أو الحواسيب الشخصية واتصال إنترنت موثوق به - فإن آخرين محرومون تمامًا بسبب محدودية موارد عائلتهم وضعف البنية التحتية التقنية في مناطقهم. وهذا يدفع بمفهوم "الانقطاع الرقمي" إلى الواجهة ويؤدي إلى تكريس الفجوة القائمة بين الفقراء والأغنياء، داخلياً وخارجياً أيضاَ. بالإضافة لذلك، تفتقر مؤسسات التدريس نفسها إلى الخبرة والمعرفة الكافية لتطوير محتوى رقمي جذاب ومثير للاهتمام بما يتماشى مع متطلبات مقررات المناهج الدراسية الرسمية مما يعيق جودة عملية التحول الرقمية عموماً.
ثانياً، تواجه المدارس والشركات التجارية مشكلات كبيرة متعلقة بتدريب المعلمين وتوفير الدعم الفني لهم لضمان قدرتهم على تشغيل المنظومات الجديدة بكفاءة وكيفية تصميم مواد تدريبية مناسبة تلبي الاحتياجات الخاصة بكل معلم وكل طالب أيضًا. كما يشعر العديد منهم بالإحباط نتيجة افتقارهم للتدريب الكافي والخبرة العملية الضرورية لإتقان أدوات وأساليب التعليم المختلفة والتي تعد جزءًا أساسياً من الإعداد اللازم لتحقيق نجاح أي برنامج تعليمي افتراضي جديد سواء كان ذلك داخل الصفوف الدراسية أم خارجه.
وأخيراً وليس آخراً، يبقى تحقيق نتائج أكاديمية ملحوظة هدف طموح يصعب تحقيقه خلال فترة قصيرة حيث تستغرق عمليات التأليف والتكيف والتكيّف وقتًا وجهد كبيرين خاصة وأن هناك حاجة ماسّة لتغيير شامل للنظام التعليمي المعتمد حاليا والذي اعتاد عليه الجميع منذ سنوات طويلة. بالإضافة لما سبق ذكره أعلاه، ينبغي تطوير نماذج جديدة لتقيم وتقييم التعلم الإلكتروني وبناء مجتمعات رقمية محفزة ومتفاعلة تساعد طلاب اليوم وغداً على بناء مهارات حياتية وصلة بشرية قوية حتى عندما يصبحون بعيدين جغرافياً وفكرياً عن زملائهم الحاليين ومدرسِيهِم القدامى أيضاً.
وعلى الرغم من هذه العقبات والتحديات المؤقتة، يمكن اعتبار التجربة الناجمة عن جائحة كوفيد-19 دافع رئيس للاستثمار مستقبلاً في بناء منظومة تعليم حديثة مبنية على تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والواقع المعزز وغيرها الكثير بهدف تقديم تجارب تعلم شخصية أكثر شمولاً وإمتاعاً باستخدام الوسائل والأساليب الحديثة لجذب الانتباه وتحسين التركيز عند المتعلمين. ولكن قبل الانطلاق في هذا الطريق الواعد، أصبح ضرورياً الآن العمل الجاد والسريع لتلبية احتياجات المستخدم الأساسية وهي ضمان توفر شبكة معلومات قادرة ومتاحة عالميا وكذلك وجود قاعدة بيانات شاملة للأبحاث الأكاديمية العلمية ذات الصلة ترتكز عليها جهود البحث العلمي المرتبط بنظم الحكم والحوكمة التعليمية المستقبلانية المنتظرة.