• صاحب المنشور: راغدة المدني
  
  ملخص النقاش:
  

  تواجه اقتصاديات الدول الناشئة تحديات كبيرة ومثيرة للاهتمام في ظل الثورة الصناعية الرابعة والمعروفة باسم "عصر الرقمنة". يتطلب هذا التحول الفريد مجموعة معقدة ومتعددة الأوجه من الاستراتيجيات والتدابير التي تحتاج إلى التركيز على ثلاثة جوانب رئيسية: تطوير بنية تحتية رقمية مرنة ومتكاملة، بناء القدرات البشرية اللازمة للتعامل مع التقنيات الجديدة، وتبني سياسات تشجيع البيئة الداعمة للشركات والمؤسسات المحلية.

البنية التحتية الرقمية: الحجر الأساس

أولا وقبل كل شيء، تعتبر البنية التحتية الرقمية القوية حجر الزاوية لأي تحول رقمي ناجح. تشتمل هذه البنية على شبكات الاتصالات واسعة النطاق، والخوادم السحابية، وأنظمة الأمن الإلكتروني المتقدمة. ولكن أكثر أهمية هو مدى قدرتها على التعامل مع الطلب المتزايد على البيانات وتحليلها بسرعات عالية وموثوقة. العديد من اقتصاديات الدول الناشئة لديها بالفعل خطط قيد التنفيذ لتوسيع مناطق تغطيتها بشبكات الجيل الخامس (5G)، وهي خطوة هامة نحو تحقيق مستويات أعلى من الكفاءة والاستدامة.

بالإضافة إلى ذلك، يلعب التعليم دوراً حيوياً في هذه العملية. ويتعين على الحكومات الاستثمار بكثافة في التعليم المهني والتقني الذي يركز على تطوير مهارات القرن الواحد والعشرين مثل الذكاء الصناعي، وإنترنت الأشياء، والحوسبة السحابية. ومن الضروري أيضا تعزيز مسيرة المرأة وتمكينهن في المجالات العلمية والتقنية؛ لأنهم يشكلون رأس مال مهم يمكن استغلاله لتحقيق المزيد من الإنجازات.

دعم الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة

وأخيرا وليس آخرا، يتوجب على السياسات الحكومية تشجيع بيئة أعمال محفزة تدعم نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة، والتي غالبا ما تكون محركا أساسيا للنمو الاقتصادي. وهذا قد يتم عبر تقديم حوافز ضريبية خاصة لهذه الشركات، أو تبسيط إجراءات تسجيلها، أو حتى إنشاء مراكز تمويل متخصص لدعم مشاريعها الريادية. كما يجدر بالذكر هنا أهمية خلق ثقافة قبول المخاطر والإبداع بين المجتمع التجاري المحلي، حيث يعزز ذلك العطاء ويحفز على الابتكار المستمر.

في نهاية المطاف، فإن القدرة على مواجهة تحدي الرقمنة ليست مجرد فرصة لكسب ميزة تنافسية فحسب، بل هي شرط ضروري لبقاء أي بلد ضمن دائرة المنافسة العالمية اليوم وغدا.