- صاحب المنشور: البخاري القبائلي
ملخص النقاش:
في عالم اليوم المتغير بسرعة، يواجه المجتمع الإنساني تساؤلات عميقة حول العلاقة بين العلم والدين. هل هما وجهان لعملة واحدة تعكسان فهمًا متعدد الأبعاد للوجود والمعرفة، أم أنهما قوتان تتعارضان ويتنافران ويتنازعان على سلطة الإرشاد والتفسيرات للحقيقة الكونية والإنسانية؟ هذا الموضوع المعقد والمثير للجدل يستدعي إعادة النظر ومراجعة نقدية لكلا المنظورين لفهم أفضل للعالم من حوله.
العلم كمنهج بحثي يقوم على التجريب والاستنتاج بناءً على الأدلة القابلة للملاحظة والتكرار. فهو يسعى لتقديم تفسيرات منطقية وقابلة للإثبات لما يحدث في الطبيعة وكيف يعمل العالم الفيزيائي. بينما الدين من جهته يعد مجموعة من الاعتقادات والأفعال التي توحي بالإله أو الآلهة، وتشمل هذه الاعتقادات الأخلاقيات والقيم الروحية والخرافات المتعلقة بالحياة بعد الموت وغيرها الكثير مما يتجاوز الرؤية الدنيوية والعقلانية المبنية على التجارب الفردية أو الجماعية للأفراد المؤمنين بهذه التعاليم.
التكامل المحتمل بين هذين المجالين يأتي حين ندرك بأن كلًا منهما يكمل الآخر، حيث يمكن للدين تقديم توجيه أخلاقي وروحي يغذي الإنسان ويوجهه نحو الرفاه النفسي والسعادة الداخلية، وهذا الجانب غالبًا ما يغيب عنه العلم نظرًا لاعتماده الأساسي على التحليل المادي والحسابي للأمور. وعلى المقابل فإن تقدم العلوم الحديثة قد يساعد أيضًا بتعزيز إيمان الأفراد وتعميق فهِمَتهم بالعناصر غير المرئية والتي تؤسس لفكرة وجود قوة عليا حسب معتقدات بعض الديانات المختلفة عبر التاريخ البشري الطويل.
وفي مقابل ذلك، هناك شكوك مستمرة تدفع البعض للاعتقاد بأن العلم والدين منافسا ومتناقضان بطبيعتهما؛ إذ يشعر المسلمون مثلاً بالغضب عندما يفسر علماء آخرون نتائج دراسات متعلقة ببدايات الحياة بأنها تناقض بعضا من نصوص القرآن الكريم، مثل حديث خلق آدم عليه السلام وفق قول الله تعالى "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعلٌ في الأرض خليفة" [البقرة:30]. وهكذا تبدأ نقاشات طويلة وشائكة حول مدى توافق مقاصدهم وأهدافهما المشتركة!
لكن دعونا نحاول رؤية الأمور بموضوعية أكبر: فإذا كان هدف الدين هو نشر الرحمة وتحقيق العدالة الاجتماعية كما ذكر رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم -حيث يقول: "