- صاحب المنشور: سهام بناني
ملخص النقاش:
يشهد العالم العربي والإسلامي نقاشاً حاداً ومستمراً حول مصطلح "الإسلام السياسي". هذا المصطلح الذي أصبح يحمل حمولة سياسية ومعنوية كبيرة ويتخذ أشكالاً متعددة بناءً على السياقات المختلفة. ينبع الكثير من الالتباس والتعميم السلبي تجاهه جزئياً من سوء الفهم لماهيته وأهدافه. يهدف هذا التحليل إلى توضيح مفاهيم الإسلام السياسي وتشريح الأدوار التي يلعبها في الحياة السياسية والثقافية للمجتمعات المسلمة مع تسليط الضوء على انتقاداته العادلة والخاطئة على حدٍ سواء.
تعريف الإسلام السياسي وخلفيته التاريخية
تُعرف نظرية الإسلام السياسي بأنها حركة أو فكرة تستدعي تعميم الشريعة الإسلامية - وهي القوانين والقواعد الأخلاقية والمبادىء الدينية المنبثقة عن القرآن والسنة النبوية - داخل الدولة والنظام السياسي للحكم. نشأ هذا النوع من الحركات خلال القرن الثامن عشر كرد فعل ضد التأثيرات الغربية المتنامية، حيث سعى العديد من المفكرين المسلمين لمقاومة الهيمنة الاستعمارية والدفاع عن هوية وهيكل المجتمع المحلية. وقد ظهرت هذه الأفكار بشكل خاص بعد سقوط الخلافة العثمانية عام 1923 عندما شهد العالم الإسلامي غياب وجود دولة مركزية تجمع الأمة تحت رايتها.
تطور وجهات النظر حول الإسلام السياسي
تباينت مواقف الناس اتجاه "الإسلام السياسي" عبر الزمن وبين مختلف الثقافات والحركات الاجتماعية. فعلى سبيل المثال، اعتبره البعض ردة فعل طبيعية للتغيرات الحديثة بينما رأى الآخرون فيه خطراً دموياً وغير ديمقراطي. يُشار هنا إلى خلاف واسع لدى المتحدثين باللغة العربية بشأن ماهية السياسة نفسها وما إذا كان بإمكان الدين مزاولة دور فعال بها أم أنه مجرد قيمة أخلاقية فردية. يعتبر بعض الأكاديميين العرب مثل الدكتور محمد عابد الجابري أنّ أي محاولة لتطبيق الشريعة كاملة تعتبر غير قابلة للتنفيذ بسبب الاختلاف الكبير بين أحكام التشريع القديم واحتياجات اليوم الحديث. وفي المقابل تدافع جماعات أخرى مثل الإخوان المسلمين والجهاد الإسلامي عن حق تطبيق القانون الذي وضعته نصوص مقدسة مضيفة أنها قادرة على التعامل مع تحديات عصرنا الحالي بطريقة مستنيرة وعقلانية.
الانتقادات المستحقة للإسلام السياسي
إنّ تناول موضوعات مثل حرية التعبير والمعاملة القانونية للمرأة والعلاقات الدولية محور اهتمام كبير للنخب العلمانية والأكاديميون الذين يحذرون مما يسمونه "الاستبداد الديني". فقد اتهم منتقدو الحركات ذات المرجعية الدينية بتقييد حقوق الإنسان الأساسية وأسغلال السلطة لتحقيق مكاسب خاصة وفردية. بالإضافة لذلك يشعر كثير من المواطنين الأوروبيين تحديدًا بخوف مشروع بسبب ارتباط عدد محدود لكن مؤثر بشدة بالإرهاب العالمي وتمويله لحالات عدم استقرار عالميًا كالذي حدث أثناء الحرب الأهلية السورية والصراع اليمني العنيف حاليًا. حتى وإن كانت تلك الاتهامات مشوبة بنسب نسبتها مرتفعة جدًا مقارنة بحجم تأثير هذه المجموعات عموما، فإن لها جذور تاريخيه موجودة بالفعل ولا يمكن إنكارها تماما رغم تواجد عوامل مساعدة خارجية أيضًا ضمن هذه الشبكة المشابهة للعصابات والتي تعمل خارج حدود البلدان التقليدية للدول الوطنية.
الدفاع عن الإسلام السياسي
وعلى الجانب المقابل نجد مجموعة أصغر ولكنها أكثر قدرة على إيصال رسائلها الإعلامية تكافح لإعادة اعتبار العملية بأنها ليست امتياز طبقة حاكم بل هي خدمة تقدم للأمة جمعاء هدفها النهائي تحقيق العدالة وتحسين رفاه الشعب ككل وليس لفريق واحد صغير يسعى لتوسيع سلطانه الخاص به فقط كما يقول خصومه السياسيون المؤرقون دائمًا منهم وهم يعلمون أنه ليس لديهم ما يخسرونه مادامت أغلبية الناخبين تؤمن بمبدأ فصل الدين والسياسة لأنهم يعرفون مدى شعبيتها وانتشارها الواسع الشعبي الجامع لهذه الرؤيا الثانية المثارة دوماً والذي قد تفوق انتشارهما بكثير نسبة حضور الأصوات المنافسة لهما مجتمعتين! وهذا الأمر يستوجب مراعاة الواقع الاجتماعي العام وأن لايتم تصنيف كل طرف بأنه منحرف حسب وجهة نظرك الشخصية فالخ