يتناول هذا المقال الفرق بين قراءتي حفص وورش في سورة الفتح آية ١٠، موضحاً حكمه وعظمته. أولاً، تُعتبر القراءات القرآنية المختلفة نموذجاً للتنوع والتكامل، وليس التعارض؛ حيث تؤكد تلك القراءات على تعدد المعاني استناداً إلى تنوع الألفاظ. وهذا الامتداد للقراءات يوفر فهمًا أعمق ويتيح اكتساب معارف جديدة.
وفي حين أكدت معظم الروايات على كسر حرف "هاء الضمير" في عبارة "ومن أوفى بما عاهد عليه الله"، فقد اختار حفص الضم لهذا الحرف بناءً على انتماء هوية الضمير الأصلي. وبالمثل، فإن فتح حرف "ميم" في "ومن" تعكس تجانس التركيب اللغوي عند ورش. وهناك أيضاً خلاف آخر حول استخدام حرف الجزم سواء بالنون ("فسنوته") أو الياء ("فسؤتيه"), وهو ما يرجع أساساً للأسباب الصوتية والبلاغية.
بالعودة إلى الآية نفسها - ومن أبقى بعهده لله فسيكون جزاؤه عظيماً - يشرح المفسرون مسارات الفعل المحتملة لهذه الجملة بشكل مختلف حسب السياق المقروء: فالضميرة المنكرة لدى بعض القراء تشير إلى التفخيم الذي يناسب أهمية الخلوص للعهد, بينما تدفع أخرى باتجاه اللغة العامية لتجنب التحولات الخطابية الثقيلة داخل نفس الكلام الواحد. أما بالنسبة لعبارة "جزاؤه", فتتم ترجمتها بصيغة الجمع والتي تبحث جذورها مرة أخرى ضمن دوائر الترجمة الثابتة مقابل صيغة الوحدة الأكثر استخدمًا ولكن أقل شأناً من الناحية التربوية والثقافية.
بشكل عام، تعتبر القراءتان وسيلة لإظهار جماليات النص القرآني وقدرته على تحمل العديد من الدلالات والمعاني بمجموعة متنوعة ومتشعبة من الأنواع الأدبية والفنية ذات المغزى الرحب والممتد عبر الزمان والمكان.