قصة ( شيمة الشلاقي ) سمعتها من دخيل الدخيل( معجم أسر بريدة للشيخ العبودي رحمه الله ) . ( عمدا ابقيت الكلمات العامية ) .
فيه رجل من سكان البر وله زوجة وله حلال كثير، وكانت زوجته حاملا وهو أول حملها، وكان مع الرعاة.
وفي يوم من الأيام غضب على زوجته عند شيء تافه وقام عليها وضربها وهي حامل، وذلك وصط الليل وفي ليلة باردة وفيها عج عظيم ومطر فما كان منها إلا أنها هربت وزوجها نائم وليس قربها جيران، وأخفى المطر والعج أثرها.
فلما كان الصباح لم يطلبها زوجها ظن أنها في أحد هذه الشجر وترجع إلى بيتها، ولكن لم ترجع.
وبعد ما صار اليوم الثاني ركب الناقة يطلبها ولم يجدها.
ذهب إلى أهلها ولم يجدها عند أهلها.
أخذت تمشي حتى منتصف الليلة الثانية، وبعدما انتصف الليل جاءتها الولادة وكانت في رأس نفود عالي جدًّا وأنجبت بنتًا ولكن صار عندها نزيف وأرضعت البنت.
وفي آخر النهار أحست بالموت وإذا راعي ناقة يصل إليها، فقالت جزاك الله خير أنا لا شك أني ميتة، ومعي هذه الطفيلة شلها معك وتراها أمانة عندك إن سلَمتْ ترى اسمها شيمة وإن ماتت الله كله خَلف، والبنت تراها بنت ملفي منير الشلاقي الشمري.
وبعد هذا الكلام ماتت الحرمة ودفنها في رأس النفود وذهب وحمل البنت معه وهو دوار يدوِّر على إبل له ضائعة.
ولما صار آخر النهار إذا هو يصل إلى بيت من العرب، وإذا فيه حرمة، أناخ الناقة وقال للحرمة دوك هذه الطفلة تراها جائعة، وتراها أمانة عندك وترى اسمها شيمة وأعطاها عشرة ريالات فرنسي وأخذت الطفلة والرجل ركب الناقة مشى، والحرمة جازمة أنه الرجل والد البنت وقالت يرجع ولم تسأله عن وضعها على أنه سوف يعود.
ذهب الرجل إلى أهله وقال إني وجدت حرمة ومعها بنت فقالت لي تراها أمانة عندك، وشلت البنت واعطيتها عرب يرضعونها وأعطيتهم عشرة ريالات، وأمها قالت تراها بنت ملفي منير الشلاقي الشمري، وبعد كم يوم ودي أذهب إلى الذي هي عندهم أجيبها، لأنها أمانة عندي وأنا مونس وجع إذا خف عني الوجع أبي أروح لمهم أجيبها.
ولكن توفي بهذا المرض ولم يخبرهم عن العرب الذي شيمة عندهم منين هم ولا في المكان الفلاني.
وكان هذا الرجل ليس له من الذرية سوى ولد اسمه فواز.
كبرت شيمة ولم يأت إليها أحد ولم يسأل عنها أحد، وتم لها اثنين وعشرين سنة، وهي في غاية الجمال والعقل والذي هي تربت عندهم لهم ولد أكبر من شيمة بسنة واحدة صارت أخته من الرضاعة، وبعدما صارت هذه البنت عندهم صارت الدنيا تنهال عليهم وصاروا أكبر الأغنياء في زمانهم وأينما نزلوا فهم في غاية الخير، ولم يحسبوا لهذه الأرزاق أي حساب ولم يدروا أن البركة من الله ثم من هذه البنت اليتيمة.
وفي يوم قالت أمها من الرضاع ليتي يا شيمة ما أرضعتك حتى تزوجين ولدي ماجد. قالت يا أمي من أهلي أجل قالت أمها من الرضاع جابك أبوك وأنت لك يوم مولودة وقال هذه أمانة عندك وترى اسمها شيمة وأعطاني عشرة من الريال الفرنسي وركب ناقته ولم أره حتى الآن.
دخلت شيمة في جو آخر وصارت تضرب أخماسًا في أسداس وليس لها حيلة من الحيل، ولعب الشيطان على أخيها من الرضاع وصار يمازحها بكلام ليس يصلح لمثلها حيث أنها فيها عفة وعقل وفيها دين.
وفي يوم قالت لوالدها من الرضاع يا أبوي ماجد يمزح بشي ما يليق معي، فقال إنه مزح وأنت فيك جور.
فقالت لأمها يا أمي ماجد يكثر المزاح الذي ليس له محل، فقالت أمها أنت كبرتي وصار كل شيء على بالك.
سكتت على مضض وكانت شيمة هي الذي تجيب لهم الماء على الجمل من الدحل الذي يبعد عنهم مسافة يوم تروح الصباح ولا تحضر إلا بالمساء.
ركبت الجمل على العادة وهم يحسبونها تجيب لهم الماء ولكن لم تجي.
وفي الصباح ركب أبو ماجد الذلول وراح ولم يجد لها خبر وبعد كم يوم وإذا الجمل عندهم عرفوا أنها هربت ومثل ما جاءت راحت.
أما شيمة فهي أخذت ثلاثة أيام وهي ذاهبة إلى الشمال وفي اليوم الرابع عند الغروب تصل إلى أهل بيت ولم تجد عند البيت إلا عجوز سلمت على هذه العجوز وقالت أنا ضائعة، فقالت العجوز: الله مير يحييك يا ابنيتي تفضلي.
قامت العجوز وأحضرت لها طعام ولم يكون عندهم سوى قليل من الغنم، ولما كان المساء حضر ولد العجوز وقال ويش هذه الحرمة قالت إنها تقول أنا ضائعة، فقال اسئليها عن أهلها منهم حتى نتسبب لها بترجيعها إليهم، فقالت العجوز من هم عربك يا الحبيبة حتى أن فواز يساعدك على إرجاعك لأهلك؟ قالت الضيافة ثلاثة أيام وبعدهن أخبركم عن أهلي.
سكتوا وفي اليوم الثالث قصت القصة على العجوز أم فواز وقالت: إني هربت عن الذي أنا تربيت عندهم من سبب ليس طيب قلت الهرب ولا العار، والجمل الذي أنا جيت عليه يعرف بسبب الوسم الذي عليه وهو يعرف أهله.
فقالت العجوز وشي قصتك قالت أن الذي أرضعتني تقول أن الذي جابك رجل وقال خوذي هذه الطفلة تراها أمانة عندك واسمها شيمة وراح ولم يرجع ولم تخبرني عن هذه الأخبار إلا من قبل سنة أو أقل
وأنا في غاية من الكد والتعب عندهم ولما علمت أني ليست بنت إلا من قبل الرضاعة صار عندي انفعال حيث انهم لم يرحموني وابنهم صار مدلل عندهم وخفت على نفسي وقلت ما يحمونني من الأمور الأخرى.
فقالت العجوز: أنت بنت منير ملفي الشلاقي الشمري.
فاندهشت شيمة من هذا الخبر فقالت ويش يدريك عن والدي؟ فقالت العجوز الذي شالك هو زوجي وهو الذي يقول إني وجدت حرمة عندها بنية صغيرة وأني شلتها وأعطيتها عربًا حيث أني دوار وبعيد عن أهلي، ويقول إني حطيتها عند هذولا العرب وقلت للحرمة تراها أمانة وأعطيتها عشر ريالات من الفرنسي وأنه لما حضر عندي قال أنا فيَّ وجع وإذا تعافيت أبرجع اجيبها، لأنها أمانة عندي وتوفي في مرضه ولا أراد الله أنّي أسأله عن هذولا العرب من أين.
وكان ولدي فواز صغير في هاذاك الوقت فلما سمعت هذا الخبر فرحت وكان ولد العجوز عنده خبر من كثر ما تقول له والدته ليت من يدري عن هذه البنت من هي عنده نجيبها وأنت بنت امنير ملفي الشلاقي الشمري، قاله الذي شالك هذا الاسم أكثر من عشرين مرة، ولكن الموت لم يمهله حتى يمكن من أنه يرجع إليك. وبعدما حضر فواز أعلمته والدته بالخبر السار فرح وقال أمانة والدي أنا أتحملها وكان عاقل وفيه دين، ولكن الفقر مخيم عليهم ما يملكون غير خمسة عشر شاة وجمل.
قالت العجوز يا فواز ودنا نرحل لعلنا نحصل الربيع أرضنا عطشانة، فقالت شيمة أنا تعبانة أصبروا يبي يجيب الله السيل ولا ترحلون.
ولما جاء العصر وإذا السيل يغمرهم وبعد عشرة أيام شبعت الغنم وصار فيها بركة لم تمر عليهم من قبل وصارت شيمة تحلب الغنم وتعمل أشياء لم تعرفها العجوز، وبعد ستة أشهر إذا عندهم بقل وسمن قالت شيمة: يا أم فواز خلي فواز يبيع السمن والبقل ويشتري لنا بعض الحوائج.
فرحت أم فواز وقالت بع السمن والبقل وجب لنا كذا وكذا من اللوازم للبيت، وفعلًا باع السمن والبقل واشترى معاميل وقهوة وهيل وجاب عيش وتمر وصاروا في غاية الغناة.
وفي يوم قالت العجوز يا فواز أغديك تزوج على شيمة هذي الذي شف البركة نزلت يوم صارت عندنا قال أخاف يصير ما عندها رغبة وأنا ما ودي أكدرها وهي أمانة والدي.
فقالت العجوز أنا أجيب لك الخبر بدون أنها تكدر قالت يا شيمة لو يجي أحد يريد الزواج منك هل نخبرك؟ والا ما تبين أحد ينكد عليك حياتك؟
فقال إذا كان فواز ماله فيَّ رغبة ولا يبين فأنا ودي لعل الله يرزقني أولاد لكن فواز هو البادي.
أخبرت العجوز فواز وفرح وشالها هي ووالدته إلى أقرب بلدة فيها قاضي وعقد الملاك ولما رجعوا كانت شيمة عقب ما هي يمنون عليها كأنها ضيف هي راعية البيت وصارت الدنيا عليهم كثيرة وبعد ما تمت عشرين عام مع فواز وإذا لها أولاد وصار فواز عنده من الحلال ما لا يحصى، ومن جاء لم فواز يبي رفدة قال رح لم شيمة أنا مالي حلال وتخابروا فيه الناس إنه لا يرد المرتفد.
وفي يوم خطرهم رجل عمره يقارب الخمس والأربعين وفي الصباح قال هذا الخاطر أنا ودي يا المعازيب، إن كان عندكم رعية أنا وراي عجوز وشايب في شدة من الفقر.
فقال رح لم الحرمة واسئلها أنا مالي سنع فقال فواز هذا الرجل يقول: دوروا لي رعية أنا عندي عجوز وشايب في شدة من الفقر.
ولما رأته قالت أنت ماجد بن فرحان الرحيمي، فقال نعم: هه هه هه أنت أختي شيمة وبكي من شدة الفرحة التي غمرته حيث أن الفقر داهمهم ما شافوا السعادة من يوم تروح عنهم وفي غاية من الشدة العظيمة.
فقالت قلي وش لون أم مزنة وأبوي فرحان؟ فقال لا تسألين: في غاية من الجوع الشديد، أتلى علامنا بالخير يوم إنك مشيتي عنا.
قالت شيمة: أترك الكلام وخذ معك زهاب وجملين وعطهن أمي وأبوي بأسرع وقت.
فرح وأخذ الجملين وشال والده ووالدته وحضر عند شيمة وبعدما شافوا ها الحلال والأرزاق عندها عرفوا أن الحظ معها وتعجبوا من صيرتها تامر وتنهي وهي قبل يمن عليها بما تأكل وحطت لهم بيت كبير غير بيتهم وملأت هذا البيت من الأرزاق وقالت خلوكم في غاية الراحة عقب الفقر الذي مسكم وصار والد ماجد يعتذر منها كل يوم
وبعد كم يوم نزل عندهم شايب لما سمع أنهم يعطون المسترفد معه ولدين وبنت وأمهم فقال هذا أنا تراي فقير لا تلومونني معى أولاد ولي حلال حلالي اذبحه الجرب والدهر ولا بقى معي شيء.
فقال له فواز إذا صار بعد الغروب ايت تعش معي ويبي يسهل الله أمرك.
فلما صار بعد الغروب حضر هذا الشايب قال فواز من أي قبيلة أنت، قال أنا من شمر وكانت شيمة تسمع كلامه وهي وراء رفة البيت أومت لزوجها فواز فقال له: قل لهذا الشايب يقص عليك أول حياته.
ولما تعشى قال فواز يا عمي قص علي أول حياتك فقال أنا أول يحياتي غني وعندي حلال وعندي زوجة، ولما قال عندي زوجة بكى وقال فواز: وراك بكيت؟ قال الشايب: أبكاني السفاه أنا لما تزوجت أول زواجي على حرمة طيبة وجميلة وصاحبة دين وكانت حامل وفي آخر حملها. ولعب علي الشيطان وضربتها على غير خطية.
وفي وسط الليل وفي ليلة باردة وعلينا مطر وريح باردة وثريها طنيت وأنا أحسبها في شنق البيت حيث ما عندنا جيران ولا حولنا عرب.
ولما صار الصبح قلت في نفسي مالها مراويح في أحد هذه الشجر وترجع لبيتها وأنا سرحت مع الرعاة على أنها ترجع لكن لم ترجع ودورت عليها خمسة أيام ولم أجد لها خبر.
وبعد خمسة أشهر وأنا سارح مع الإبل وإذا أنا أرى جثتها في نفود عالي يابسة قد اطلعتها الرياح حفرت لها ودفنتها وكل ما جاء ذكرها على بالي بكيت لأني مخطي عليها، ولكن الندم ما ينفع لي فات الفوت.
هذا وشيمة تسمع، فقالت شيمة أنت منير ملفي الشلاقي الشمري، قال أنا هو يا الحبيبة، فقامت على طول وقالت أنت أبي وقصت عليه خبرها من أوله إلى آخره وقالت ابشر بالخير، يوم الله جابك عندي.
وفي الصباح حطت له بيت وملته من الأرزاق فسبحان الذي جمعهم بعد الفرقة.