- صاحب المنشور: مروان الحلبي
ملخص النقاش:
تُعدّ العلاقة بين العلم والدين موضوعًا مثيرًا للجدل عبر التاريخ، حيث يرى بعض الفلاسفة والحكماء أنهما متناقضان، بينما يؤكد آخرون على تكاملهما. إن فهم هذه العلاقة الحيوية يتطلب مراجعة تاريخية للمبادئ الأساسية لكل منهما وفهم كيف يمكن لهذا الاثنين العمل معا أو ضد بعضهما البعض.
في الماضي، اعتبرت العديد من الثقافات والمذاهب الدينية المعرفة العلمية تهديدا لمعتقداتها الروحية والمعنوية. فمثلا في أوروبا خلال عصر النهضة، أدى ظهور الأفكار الجديدة حول الكون والفلك إلى صدام مباشر مع الكنيسة المسيحية، مما تسبب في محاكمة علماء بارزين مثل جاليليو غاليلي بسبب آرائه التي تتحدى تعاليمها. ولكن مع مرور الوقت، بدأ المجتمع الغربي يفهم الطرق المختلفة لتفسير الواقع: فالعلوم تقدم تفسيرات مادية للعالم الطبيعي، أما الأديان فهي توفر نظام حكم أخلاقي واجتماعي يساعد الإنسان في تنظيم حياته الأخلاقية والنفسية.
إلا أن هذا المنظور لم يكن عالميا؛ فقد اهتم المسلمون منذ القدم بالعلم والعقلانية. لقد شجع الإسلام البحث والاستقصاء العلمي منذ بداية الدعوة الإسلامية حتى يومنا هذا. وقد برز علماء مسلمين كبار مثل الخوارزمي وابن سينا الذين قدموا إسهامات كبيرة في مجالات الرياضيات والفلسفة والطب وغيرها الكثير. وفي الحقيقة، تعتبر اللغة العربية لغة علم واسع الانتشار لما حملته من كتب ومؤلفات علمية قيمة.
وعلى الرغم من التوترات التاريخية المتكررة، فإن الاعتقاد بأن الدين يعارض العلم قد ثبت كفكرة خاطئة بشكل عام. فعلى سبيل المثال، أفاد عدد كبير من المؤسسات الدينية والتجارب التعليمية الحديثة بفوائد الجمع بين الدراسات الدينية والعلمية بتقديم منهاج شامل ينمي مهارات التفكير الناقد ويوسع الآفاق المعرفية لدى طلاب المدارس الثانوية والجامعات.
وبالتالي، فإن رؤيتنا لعلاقة الدين بالعلوم هي أنها علاقة تكامل وليست تنافر. وإن تحقيق ذلك يتطلب فهما عميقا للتاريخ والثقافة لكل طرف وكذلك احترام حرية الرأي والفكر لدى الآخرين. وبالتالي، يجب تشجيع الحوار المفتوح والموضوعي لدفع حدود المعرفة البشرية نحو مزيدٍ من الوضوح والبناء المشترك للأجيال القادمة.