- صاحب المنشور: بشرى بن شعبان
ملخص النقاش:
لقد شهد العالم تحولات هائلة جراء العولمة والتكنولوجيا المتطورة التي أدت إلى اختلاط العديد من الجوانب الثقافية. بينما تحتضن بعض المجتمعات هذه التغييرات باعتبارها فرصة لتعزيز الابتكار والتطور الفني والعلمي؛ يرى البعض الآخر أنها تهدد هويتها التقليدية وتراثها الغني. هذا الصراع بين الحداثة والتقليد ليس جديدا ولكنه أصبح أكثر حدة في عصرنا الحالي بسبب السرعة والمجال الواسع الذي تغمره فيه الرقمنة وأساليب الحياة الحديثة.
إن فهم دور كل جانب -الحفاظ على القيم القديمة والمعرفة الزاخرة للموروث الثقافي مقابل الانفتاح على الأفكار الجديدة والأدوات العملية- يعد أمراً ضرورياً لفهم التعقيدات التي نواجهها اليوم حول تعريف الذات وثنائيات مثل "القيمة المحلية" مقابل "العالمية". فالتوازن هنا أمر حيوي لمنع فقدان الروابط مع الماضي أو تجمد الثبات أمام تيارات المستقبل المتسارعة.
**تأثير التحضر والاستيعاب الثقافي**
في المدن الكبرى خاصة، يتعرض الشباب للتأثيرات الخارجية بشكل مباشر عبر وسائل الإعلام العالمية والشبكات الاجتماعية وغيرها مما قد يؤدي إلى زوال القديم لصالح الجديد. ولكن رغم ذلك فإن هناك مقاومة طبيعية لهذا الاتجاه ترجع للشعور بالحنين للماضي والحاجة للاستقرار المعرفي المرتبط بهذا الموروث الضارب بجذوره عميقا داخل النفس الإنسانية. فعلى سبيل المثال، نلاحظ انتشار الطرز التقليدية للأزياء العربية في كثير من الدول الإسلامية كشكل رمز للدفاع عن الهوية وسط بحر متلاطم يغرق به الشباب بتيار العصرية الوافدة عليهم بلا استئناسٍ سابقٍ إطلاقاً!
وعموماً، يمكن النظر لهذه العلاقة الدورية بأنها عملية تطوير مستمرة وليست مجرد محاولة لإيقاف عجلة التاريخ وإنما إعادة تشكيل لقواعد اللعبة حسب الأجيال لتظل الصورة شامخة بأبعادها المختلفة وبالتالي تتكيف المجتمعات بقدرتها الاستثنائية وقدرتها الباهرة على التأقلُم والتجدُّد للحفاظ على أصالة ثقافتِها ولعب دوْرها الأساسي كمَصدَر للإبداع وإشعاع للعطاء العالمي حتى وإن اختلف الشكل الخارجي قليلاً مقارنة بالأمس.
لكن ماذا لو لم يكن هنالك توافقٌ ضمنياٌ واضح المصدر فالغاية هنا هي أساس البحث وهو تحديد ماهو مُكتسب وماهو مكتوب بالدم ومحفوظ لدى ذاكرتنا الجمعية والتي تعتبر مصنع الطبائع البشرية الأول والتي تساهم بإعطائنا دلالات واضحة لما نقبل عليه يوميا وما نرفضه بشدة أيضا بناءًا علي قيميته بالنسبة لحاضرينا وظروف تربيتنا الأولى قبل اتخاذ أي قرار اتجاه رفض او قبول شيئ جديد غير معروف سابقا لدينا . وهذه الأخيرة تعتبر بداية رحلتك الشخصية نحو تحديد هويتك الخاصة وفق ضوابط مجتمعك العام لكن دائما وابدا تبقى انطباعات شخصية متغيرة باستمرار بحسب التجارب المؤثرة والمتنوعة لكل فرد بطبعه الخاص والذي يحكم انتماءاته سواء كانت طوعيه ام غصب عنها نتيجة ظروف خارجيه اجباره علیھا دون اختيار فعلي منها ! لذلك فأنت مجبر كامل الحرية باتباع قلبك وغريزة وجودك نحو مكان يناسبك ويضمن سلام داخلي سعادتك الانتماء إليه مهما كان بعيدا جغرافياًاو مختلف عقائديا مادام يشعر روحانيا بقرب المسافة الاجتماعيةمع أفراد مشابهين يفكرون بنفس