- صاحب المنشور: أنيس الفهري
ملخص النقاش:تواجه المجتمعات الإسلامية اليوم تحديًا كبيرًا يتمثل في تحقيق توازن دقيق بين رفض آراء وممارسات متطرفة وإدراك أهمية الانفتاح الفكري والجماعي. هذا التحول نحو العقلانية يُعد ضروريًا ليس فقط لتجاوز العقبات التي يفرضها عصرنا الحالي وإنما أيضًا لإعادة تعريف الإسلام كدين شامل ومتطور يستجيب لاحتياجات الناس المعاصرين مع الاحتفاظ بقيمه الأساسية.
التأثيرات التاريخية على العقلانية لدى المسلمين
تعكس مسيرة تاريخ الإسلام تطورات متنوعة فيما يتعلق بالعقلانية والحوار. شهد العالم الإسلامي أعظم فترات ازدهار للعلم والفكر خلال العصر الذهبي للإسلام (750-1258 ميلادياً). فقد كانت المدارس والمكتبات حيوية، وأبدع علماء مثل الخوارزمي، وابن الهيثم، والكندي أعمالاً ثورية في الرياضيات، الفيزياء، الطب وغيرها. لكن هذه الفترة لم تكن خالية تماما من الانغلاق؛ حيث شهدت بعض المحاكمات العلمية الشهيرة والتي أدانت استخدام المنطق اليوناني وبالتالي عرقلت التفاعل المعرفي.[1]
بالرغم من ذلك، ظلت الرؤية العامة تشجع الحرية الفكرية والتسامح الديني إلى حد كبير مقارنة ببقية أوروبا خلال تلك الحقبة. إلا أنه بحلول القرن الثالث عشر بدأ تأثير الاتصال المتزايد بأوروبا على شكل الأفكار الغربية المؤثرة والذي دفع بطبيب مسلم بارز يدعى ابن رشد للدفاع عن فلسفة أفلاطون وأرسطو وتشريعها مجددًا ضمن الإسلام نفسه - مما يشكل دليلًا قويًا لكيفية تفاعل الثقافات المختلفة عبر الزمن. ([2])
تأثير السياقات الحديثة على ظهور التطرف
مع مرور الوقت وتحولات سياسية واقتصادية واجتماعية هائلة حدث بها عالمنا الحديث منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى يومنا هذا، تعرضت العديد من الدول ذات الأغلبية المسلمة للعمليات الاستعمارية والإقصاء العنيفة والسعي المستمر لنشر القيم الليبرالية غربيّة المصدر، الأمر الذي قد يؤدي بالبعض نحو الشعور الملحة للحفاظ على هويتهم الأصلية وصراع ثقافي داخلي شديد.[3] ومن ناحية أخرى، فإن الاضطراب السياسي والأمني والفقر المستشري أيضا يمكن استخدامه كمصدر لتأجيج المشاعر المتشددة ضد الآخر المختلف دينياً أو جنسياً أو سياسياً داخل مجتمع واحد وضد جسد الأمّة الواحدة خارج نطاق حدود الوطن الوطني عندما تصبح هذه البلدان جزءًا غير ثابت للمخطط العالمي الجديد.[4][5](6)
وقد نشأت حركة "الإصلاح" بعد الثورة الفرنسية مباشرة باعتبارها رد فعل موجه ضد محاولات فرض الاستبداد الأوروبي والدفع باتجاه فكرة بناء أمّة إسلامية وحدوية قائمة بذاتها لسحب البساط تحت اقدام المحتلين الزائفين الذين تسارع توغلهم وسط أجواء الانهيار الاجتماعي المبني على أساس الدين والقيم الأخلاقية التقليدية.[7] ولكن سرعان ماتحول دور "الإصلاح" لاحقاً ليصبح مجرد شعار عمليات نفاق واستغلال واسعة اجراها السياسيون الذين يحكمون باسم الدين لتحقق مصالح خاصة لهم ولمجتمع دولي أصبح أكثر فسادا وانفلاتا أخلاقياً يوماً بعد آخر رغم ادعائه بمبادئ العدالة الاجتماعية والمعاملة الإنسانية المناسبة لكل البشر بغض النظرعن اعتقادهم الشخصى الخاص بالألوهية ووحدانية وجود الرب سبحانه وتعالى! وفي النهاية نشهد ولادة منظومات مذهبية مختلفة منها السلفيّة مثلاً – حيث تعتمد على إعادة تطبيق تعاليم الشريعة كما فهمها أهل/علماء/خاصون سابقون وقد قاموا بتأسيس مذاهب فقهيه مستقلة عنها اساساً! وهذا يعني خلق شعور مستمر بالتناقض وعدم القدرة على المواكبة كون القرآن مقدس ولايمكن تغييره بسهولة حسب تأويلات بشرية متجددة باستمرار.[8] بينما تقوم الجماعة الاخوانية الاسلامية بنشر خطاب معتدل نسبيآ يقترب اكثر من طرح علماني حديث يعترف بالحريات المدنيه ويحث