إنَّ إسماعيل وإسحاق اللذان ورد ذكرهما في سورة البقرة الآية 133 باعتبارهما "آباء"، هما بالفعل أبناء إبراهيم الخليل، ولكن إسماعيل تحديداً هو أيضًا عم يعقوب. هذا الأمر قد يبدو متناقضًا، لكنه يفسر وفق منطق شرعي خاص.
يتضح هذا من خلال فهم طبيعة اللفظ والشريعة الإسلامية نفسها. العلاقة الدموية التي تربط بين فردين يمكن أن تستحق استخدام نفس المصطلحات عند الحديث عنهما، خاصة عندما تكون هناك علاقة احترام وتقدير. فالعم، وهو ابن الأخ، يتمتع بمكانة عالية ومرموقة داخل المجتمع الإسلامي. لذلك، فإن وصف إسماعيل بأنه والد رغم كونه عم يعقوب يأتي نتيجة لتلك المكانة العالية والاحترام الواجب تقديمه له.
بالإضافة إلى ذلك، يشير علماء الدين إلى عدة تفسيرات لهذا الاستخدام الأدبي للاسم "الأب". أحدها هو أن مصطلح "الأب" هنا يستخدم بشكل عام ويشمله كل من الأفراد الذين أسهموا في توجيه وتعليم الأطفال بما في ذلك جدتهم وجداؤهم وغيرهم ممن يلعبون دورًا تربويًا مهمًا. وهناك تفسير آخر يقول بأن المصطلح استخدم للتأكيد على أهميته الكبيرة وأن لديه حقوقًا واجبات مشابهة لحقوق أبيه البيولوجي تجاه أولاده.
وعلى الرغم من هذه التفاسير الغنية والمعاني الدقيقة، يجب التنويه إلى أن الحقائق الفقهية الثابتة تبقى قائمة. فلا يحمل العم أي صفة حرمة بالنسبة لزوجات أبناء أخواته كما هو معروف بالإجماع بين الفقهاء المسلمين. لذا، يبقى حكم زواج المرء بامرأة خاله أو عمه غير مُرخَّصٍ به بناءً على تعاليم الشريعة الإسلامية الراسخة.
وفي النهاية، فإن دراسة النصوص القرآنية والأحاديث النبوية والسيرة الذاتية للسلف الصالح تساهم بشكل كبير بفهم أغوار اللغة العربية وفلسفة التشريع الإسلامي مما يؤكد مدى قدرتها على مواجهة تحديات الحياة والفهم الإنساني المتغير عبر الزمن.
