- صاحب المنشور: كشاف الأخبار
ملخص النقاش:
لقد شكلت الثورات التي عرفتها المنطقة العربية ما يعرف بالربيع العربي ظاهرة سياسية و اجتماعية حاسمة منذ عام ٢٠١١. هذه الحركات الجماهيرية الشعبية دفعت العديد من الحكومات الاستبدادية إلى التراجع أو حتى سقوطها. ولكن عندما نفحص الأحداث بتمعن أكبر، نرى أنها تميزت بمزيج معقد ومتشابك من التحولات الاجتماعية والدينية والعرقية ضمن السياقات الوطنية المختلفة. توفر الدراسات الدقيقة للنقاط العرقية والحراك الاجتماعي رؤى جديدة حول دور الدينامية القبلية والعائلية والتنافس بين الطوائف داخل البلدان المتضررة.
أتطرق هنا للديناميكية التركيبية المعقدة للمجتمع المصري أثناء ثورة يناير، وأتأمل كيف أثرت العلاقات العرقية على مسار الأحداث وتأثيرها طويل المدى. مصر دولة متعدد الأعراق تضم العرب والأقباط والسود والصعيديين وغيرهم. ومع ذلك، فإن فكرة الوحدة الوطنية غالبا ما تكون سطحية ومبنية أكثر على المصالح السياسية الحديثة والممارسات الثقافية المشتركة منها على الغنى البيولوجي الواسع الذي يتمتع به المجتمع. خلال فترة ما قبل الثورة وبعدها مباشرة، بدأ ظهور تحول واضح نحو الفخر الشعبي بالعروبة كوسيلة لمواجهة النظام الحاكم آنذاك والإشارة إلى عدم تمثيل الأقليات الأخرى بصورة مناسبة داخل هياكل السلطة التقليدية.
كان أحد التداعيات الرئيسية لهذه التحولات هو إعادة تشكيل الهوية العامة للأمة عند الصراع السياسي الأساسي بشأن الحكم والاستقرار. اعتبر البعض أن الظهور المؤقت لأعلام قبائل البدو وانتشار تماثيل "أم كلثوم" - رمز عروبة مصري قوي - كان دعوة واضحة للافتخار بالمشاركة التاريخية للعرب الأصليين الذين يعيش بين صفوفهم أغلبية سكانية كبيرة مقارنة بالأقباط والأفارقة الآخرين الذين كانوا أقل بروزا بكثير نسبيا رغم أهميتهم الهائلة كمجموعات ثقافية متنوعة ذات إسهاماتها الخاصة بالحضارة المصرية عبر الزمن. وبينما كانت هذه الأمراض الظاهرية تعكس آمال بعض المواطنين فيما يتعلق بتغيير ديموغرافي محتمل لصالح الأكثرية العربية الجديدة سياسيا وشعبيا عقب انهيار الدولة القديمة، فقد أدت أيضا لتوتر واستقطاب عميقان داخل البلاد مستهدفان خصيصاً الأقليات المهددة أساسًا والتي وجدت نفسها أكثر عرضة للاستهداف بسبب ضعف موقفها القانوني والقضائي المستمر سواء بحكم الواقع أم تحت مظلة التشريع الرسمي المبني جزئياً علي قاعدة عربية بنيويه قديمة تعزز تفرديتها السياسية والفكرية فوق الجميع مهما بلغ تأثيرهم السكاني كالكنيسة الأرثوذوكسية مثلًا .
وفي النهاية يمكن تلخيص الوضع بأن الديناميكيات العرقية والدينية لعبت دوراً محورياً غير مرئي ولكنه فعال للغاية في تحديد مجريات الحدث السياسي والثوري الشامل ، الأمر الذى عززه الاعتقاد العام بفكرة وجود مخطط خارجي للإطاحة بالنظام السابق بغض النظرعن اسباب اندلاع الاحتجاجات الاوليه والذي ربما ارتبط بعدد كبير من المطالب المحلية الملحة والمعاناة اليوميه الناجمة عنها والتي تعدّ السبب الرئيسي لها لكن هل انتقلت العدوى الي الخارج ام ان ثمة مؤثر اقليمي عالمي خلف الكواليس ؟ هذا ماتستحق الدراسه بشده لتقييم تاثيرات تلك الاحداث بعيد مداها الزمني القصير وطويل الامدى ايضا....