- صاحب المنشور: داوود العماري
ملخص النقاش:
مع تزايد اعتماد التكنولوجيا المتقدمة، خاصةً الذكاء الاصطناعي، أصبح فهم تأثيرها على سوق العمل وتطور الوظائف أمرًا ضروريًا. إن هذا التحول الرقمي يجلب فرصاً ومخاطر متعددة للمستقبل المهني. سنناقش هنا تحديات واجتهادات هذه الثورة التكنولوجية وكيف يمكن للفرد والبنية الاقتصادية التعامل معها لتحقيق مستقبل مهني مزدهر.
التحديات والفرص الناجمة عن الذكاء الاصطناعي:
زيادة الكفاءة والإنتاجية:
يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين كفاءة الأعمال وإنتاجيتها بشكل كبير عبر تعزيز عمليات التشغيل الآلي الروتينية. ستكون الصناعات مثل الخدمات المالية والتجارة الإلكترونية وبناء تكنولوجيا المعلومات، وغيرها أكثر استفادة مباشرة حيث تستطيع الأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي اتخاذ قرارات دقيقة بسرعة عالية. إلا أنه قد يؤدي ذلك إلى إلغاء العديد من وظائف البشر التي تعتمد على أدوات بسيطة أو روتينية مما يخلق حاجة لمراجعة مفاهيم التعليم والتدريب المهنية لتلبية احتياجات السوق الجديدة.
من ناحية أخرى، سيولد استخدام الذكاء الاصطناعي أيضًا طلبًا جديدًا لوظائف تتطلب مهارات فريدة كالبرمجة وتحليل البيانات وإنشاء نماذج عصبية. هؤلاء المحترفون سيكون لهم دوراً محوريًا في تصميم وصيانة الأنظمة الحاسوبية المعززة بالذكاء الاصطناعي.
إعادة تعريف العلاقات بين الإنسان والأداة:
إن توظيف التقنيات القائمة على الذكاء الاصطناعي يتطلب تغيير جذري في العلاقة بين الانسان وأجهزته اليومية. لن يقتصر الأمر بعد الآن على مجرد الضغط على الزناد لتنفيذ مهمة بل سوف تكون هناك حاجة لفهم واسع حول كيفية عمل تلك الأدوات حتى يمكن توجيهها واستخدامها بكفاءة أكبر. يستوجب هذا الوعي الجديد بإمكانيات تقنية ذكية تقدم رؤى عميقة بشأن المجريات الاجتماعية والاقتصادية الحالية والمستقبلية والتي كانت فيما سبق حكرًا على خبراء متخصصين فقط.
مثلاً، سيتمكن المصممون والفنانون الذين يتمتعون بفهم عميق لمنطق الذكاء الاصطناعي من خلق تجارب أكثر تأثيراً سواء كانوا يعملون ضمن قطاعات الترفيه أو الإعلام المرئي والصوتي.
السياسات الحكومية والثقة العامة:
إن تطبيق حلول قائمة على الذكاء الاصطناعي يشكل عبئا سياسياً هائلا بسبب المخاوف المشروعة المتعلقة بالأمان والحماية الشخصية فضلاعن العدالة الاجتماعية وانعدام المساواة المحتمل نتيجة عدم تكافؤ الفرص التدريبية والوظيفية في الأسواق المختلفة حسب موقع الفرد الجغرافي مثلاً . لذلك ، فإن تحديد قوانين واضحة وعادلة حول ملكية بيانات المستخدم واتخاذ القرارات المؤثرة بهذه البيانات يعد من الأمور ذات الأولوية القصوى للحكومات والشركات العالمية للاستثمار بها والاستفادة منها لصالح المجتمع ككل وليس جزء منه فقط.
ومن الجدير بالملاحظة أيضا مدى انتشار ثقافة "التعلم المستمر" لدى الأفراد كمقياس حيوي للتحول الذي يحدث حالياً وسط مجتمعات الغد الرقمي والذي ينذر بتغيرات جذرية غير مسبوقة في بنيان اقتصاديات الدول وطرق اشتغالها.