- صاحب المنشور: سليمة بن جلون
ملخص النقاش:أصبح دور التكنولوجيا ودورها المتزايد في القطاع التعليمي موضوعًا مثير للجدل داخل المجتمع العربي. فقد فتحت وسائل الإعلام الرقمية وأدوات التعلم الإلكتروني آفاق جديدة للمعلمين والطلاب على حد سواء؛ مما أدى إلى تحسين جودة العملية التعليمية بطرق لم تكن ممكنة سابقاً. إلا أنه مع كل هذه الفوائد الواضحة للتكنولوجيا في مجال التعليم، هناك مخاوف بشأن التأثير السلبي المحتمل الذي يمكن أن تحدثه أيضًا.
في العديد من البلدان العربية، يتسم انتشار المعدات والتطبيقات التقنية بعدم الاتساق بشكل كبير بين المناطق الريفية والحضرية. فبينما قد يتمتع الطلاب الذين يعيشون في المدن بإمكانية الوصول إلى شبكة الإنترنت عالية السرعة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة الحديثة والقاعات الدراسية مجهزة بتقنيات متطورة، فإن هذا ليس هو الحال بالنسبة لأولئك الذين يقيمون خارج مراكز المدن الرئيسية. وهذا الاختلاف الكبير يؤدي إلى ظهور فجوة رقمية قد تعزز عدم المساواة الاجتماعية وتعوق فرص الحصول على تعليم جيد لبعض الطلاب.
الفوائد والمخاطر
من ناحية أخرى، توفر التكنولوجيا حلولاً مبتكرة لتحقيق التعلم المستمر وتوفير مصادر معرفية غنية ومتنوعة خلال فترة قصيرة نسبيًا. يمكن أن تساعد برامج التواصل التفاعلي عبر الانترنت مثل المناظرات الافتراضية وورش العمل الإفتراضية والشروحات المصورة في بناء مهارات اجتماعية قوية لدى الشباب العربي وإثراء خبراتهم الأكاديمية بمشاركة خبراء عالميين مباشرة بدون عوائق الجغرافيا أو الوقت.
ومع ذلك، فإن الاستخدام غير المقيد لهذه الأدوات الناشئة يمكن أن يسبب مشكلات خطيرة تتعلق بالتركيز والإنتاجية وصحة العين بسبب الكثير من الجلوس أمام الشاشات لفترة طويلة بلا حركة عضلية كافية. بالإضافة إلى ذلك، تعد الشبكات الاجتماعية ومواقع مشاركة الأفلام والألعاب الإلكترونية عوامل تشتيت رئيسية قد تؤثر سلبيًا على التركيز الدائم على دراسة المواد الأساسية.
التوجيه نحو مستقبل أفضل:
إن تحقيق توازن فعال بين استخدامات التكنولوجيا المفيدة والاستفادة منها بأمان يتطلب جهود مشتركة من الحكومات والمعلمين وأولياء الأمور والمهتمين بشؤون التعليم عامة. فعلى سبيل المثال، يمكن للدول العربية وضع سياسات حكومية تشجع تطوير البنية التحتية المعلوماتية وإنشاء مكتبات رقمية مجانية حتى يستطيع الجميع الوصول إليها. كما يمكن لمراكز التدريب المهني الإقليمية تقديم دورات تدريبية تخصصية لصناع القرار التربوي حول كيفية دمج التكنولوجيات الجديدة بكفاءة ضمن بيئات الفصل الدراسي التقليدية.
وفي نهاية المطاف، يكمن سر نجاح أي نظام تعليمي معتمد على العلم والتكنولوجيا في فهم عميق لقيمة المعرفة البشرية والخبرة الإنسانية، حيث تبقى العلاقة الشخصية بين الطالب والمعلم جزءًا حيويًا ولا غنى عنه للحصول على تجربة تعلم شاملة وبناء مجتمع مدرك وقادر على مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين بكل ثقة واقتدار.