- صاحب المنشور: عبد الهادي الودغيري
ملخص النقاش:
تُشكِّل القضية المتعلقة بخصوصية البيانات الإلكترونية تحدياً كبيراً يعصف بمجتمعنا الحديث الذي يعتمد بشدة على التقنيات الحديثة. فبينما توفر هذه التقنيات الراحة والتواصل الفعال، فإنها تثير مخاوف بشأن سلامة وأمان معلومات الأفراد الشخصية التي يتم جمعها واستخدامها بشكل متزايد. في هذا السياق، يأتي دور "معضلة الخصوصية الرقمية" لوصف الصراع الدائر حول توازن الحفاظ على خصوصية بيانات الأفراد والاستفادة منها للتطوير التكنولوجي المستمر.
تشير مفاهيم الخصوصية إلى الحق الأساسي للمستخدمين في الاحتفاظ بسرية تفاصيل حياتهم وعدم الكشف عنها للأطراف الثالثة بدون موافقتهم الصريحة. ومع ذلك، أدى ظهور شبكة الإنترنت وانطلاق العصر الرقمي إلى توسيع نطاق التعريف التقليدي للخصوصية لتشمل مجالات مثل التجارة الرقمية والمراقبة عبر الإنترنت والحوسبة السحابية. هنا يكمن جوهر المعضلة؛ إذ تعمل شركات التكنولوجيا العملاقة مثل غوغل وفيسبوك وجوجل وغيرها على تطوير منتجات خدمات مبتكرة تتطلب الوصول الواسع إلى كميات هائلة من بيانات المستخدم، مما يعرض خصوصيته لأخطار كبيرة.
على الجانب الآخر، تعتبر بعض المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة وفوائد استخدام البيانات الضخمة ضرورية لتحسين الخدمات العامة وتوفير تجارب مستخدم أكثر فعالية ومخصصة. ومن خلال تحليل واتجاهات استهلاك المحتوى والسلوك عبر الانترنت، يمكن للشركات تقديم اقتراحات ملائمة بناءً على اهتمامات كل فرد، وهو أمر قد يفيد عملاء الشركات ويحسِّن جودة المنتجات والخدمات المختلفة. كما يساهم التحليل الدقيق لبيانات المرضى في المجال الطبي بتقديم رعاية صحية أفضل وأكثر تركيزًا يناسب احتياجات كل شخص. وبالتالي، يستند الكثير من القرارات الاقتصادية والثقافية والأمنية اليوم اعتماداً أساسياً على المعلومات المتاحة حول المواطنين والمستهلكين.
ولكن هذا النهج يؤثر أيضاً بشكل سلبي كبير على حقوق الأشخاص وقد يتسبب في انتهاكات خطيرة لحرمات الحياة الخاصة لهم. حيث بات بالإمكان الآن تسجيل أي حركة يقوم بها الشخص عبر الإنترنت وخارجها أيضًا إن كانوا يحملون هواتف ذكية أو أجهزة أخرى مرتبطة بالشبكة العنكبوتية. بالإضافة إلى ذلك، تعرض عمليات التسرب الأمني وعورات اختراق الأنظمة قدرة الكيان المشترك فيما يتعلق بالحفاظ على سرية تلك الجوانب المرتبطة بصاحبها سواء كانت ذات طابع عام أم خاص للغاية. علاوة على ذلك، هناك قلق مشروع بشأن الطرق الغامضة والتي تمارسها بعض الوكالات للحصول غير القانوني لهذه البيانات دون علم صاحبها الأصيل لها.
في ضوء التطور الهائل للتكنولوجيا وتحولات المجتمع نحو قبول ثقافة مشاركة المعلومات، أصبح من المهم إعادة تعريف المفاهيم القديمة لمفهوم الإطار القانوني والمعايير الأخلاقية الجديدة لدينا لفهم أفضل لكيفية تعاملنا مع مشكلتنا الرئيسية وهي حاجتنا للاستمرار بالتقدم مقارنة بحتميتنا المساعي المحافظة على بقائنا ضمن حدود حرية شخصية مضمونة. لذلك، نقترح عدة حلول قابلة للتطبيق لمساعدة جميع الأطراف المعنية على تحقيق مصالح مشتركة وضمان توازن عادل بما فيه صالح الجميع وليس طرف واحد فقط ضد آخر.
أولاً، يجب تشديد مبادرات التعليم والتوعية حول أهمية