- صاحب المنشور: خولة الصيادي
ملخص النقاش:
يشهد العالم اليوم ثورة تكنولوجية غير مسبوقة مع تطور تقنية الذكاء الاصطناعي (AI). هذه التقنية التي كانت موضوعا للخيال العلمي سابقاً أصبحت الآن واقعاً يعيد تشكيل العديد من جوانب حياتنا، من بينها سوق العمل. يطرح هذا التطور مجموعة كبيرة ومتنوعة من الآثار والتداعيات المحتملة على القوى العاملة حول العالم.
تتميز الابتكارات الحالية في مجال الذكاء الاصطناعي بسرعة التعلم الفائقة وقدرتها على أداء مهام متخصصة بكفاءات عالية لم يكن البشر قادرين عليها سابقًا. يمكن لهذه الروبوتات المدعومة بالذكاء الصناعي القيام بمجموعة واسعة من الوظائف، بداية من عمليات التصنيع المتقدمة وحتى خدمات الرعاية الصحية المعقدة. لكن رغم فوائدها الواضحة، فإن تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل مثير للمخاوف أيضًا.
من الجانب الإيجابي، قد يساهم الذكاء الاصطناعي في خلق فرص عمل جديدة حيث ستكون هناك حاجة لعمال مؤهلات ذوي مهارات خاصة لتوجيه وصيانة الأنظمة والمعدات الجديدة. كما سيؤدي إلى زيادة الكفاءة والإنتاجية مما يساعد الشركات على خفض التكاليف وتحقيق الدخل الأعلى. بالإضافة لذلك، سوف يتم تحرير العمال البشريون من الأعمال اليدوية والمتكررة المرهقة والتي غالبًا ما تكون خطرة، ممّا يسمح لهم بتعلم وظائف أكثر تعقيدا وإبداعا تتناسب بشكل أفضل مع قيمتهم الإنسانية الخاصة بهم.
ومع ذلك، فإن التأثيرات السلبية محتملة أيضا. أحد أكبر المخاطر هو فقدان الوظائف بسبب الاستغناء عن موظفين بشريين لصالح حلول ذات كفاءة أعلى وموثوق بها مدعومة بالتكنولوجيا. بينما يتوقع البعض تراجع البطالة نتيجة للتوسع الاقتصادي الذي يحدث عادة أثناء الثورات الصناعية التحويلية، إلا أن الوضع الحالي مختلف؛ لأن بعض القطاعات معرضة بخاصة لفقدان الوظائف مثل تلك المرتبطة بالمكاتب الأمامية والأعمال routinary وغير الجذابة ماليا والذي يستطيع الذكاء الاصطناعي استيعابها بشكل جيد للغاية حالياً.
بالإضافة لذلك، هناك مخاوف بشأن المساواة الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن تفاوت مستوى التعليم والموارد لكل فرد للحاق بركب التغيير التكنولوجي المستمر نحو الاعتماد الأكبر على القدرات المُتكامِله للإنسان والآلات سوية تحت مظلة واحدة تُسمى "التعاون الإنسان-جهاز". إن عدم القدرة على مواجهة تحديات البيئة الرقمية الحديثة والشروط المفروضة حديثاً للسوق العمالي الجديد قد يؤدي الى ظهور المزيد من الطبقات الاجتماعية الغنية والقبيحة داخل مجتمع واحد وفي نفس الوقت!. وبالتالي فهناك ضرورة ملحة لإعادة النظر فيما تقدمه دوائر التدريب المهني والحكومات لدعم الأفراد الذين ربما سيتضررون أكثر مقارنة بغيرهم حين تواجه البلاد جائحة عالمية أخرى مشابهة لما حدث خلال فترة كورونا الأخيرة وما زالت آثارها مستمرة حتى وقت كتابة هذه المقالة!
وفي النهاية يبقى الأمر متعلقا بصناعة السياسات الحكومية والاستثمارات الخاصة المؤثرة بإحداث تغييرات عميقة وطويلة الامد تؤثر بلا شك سواء بالسلب أم بالإيجابعلى مجريات الحياة اليومية للأفراد داخل بلدان مختلفة عبر انحاء المعمورة جميعها...