• صاحب المنشور: بدر الفاسي
  
  ملخص النقاش:
  تناولت لسنوات عديدة مهارة نقاش غنية حول العلاقة بين الدين والعلوم، والتي تعد واحدة من أكثر المواضيع شيوعا وجدلا في الفكر البشري المعاصر. يعتقد الكثير بأن كلاً من الدين والعلوم هما وجهان لنفس العملة، يحمل كل منهما جوانب مختلفة ولكن تكميلية للحقيقة الإنسانية الكاملة. هذا التعارض يبدو ظاهريًا ولكنه زائف عند النظر العميق.

في الواقع، يمكن اعتبار العلم والدين مكملين وليس منافسين. العلم يسعى لفهم العالم الطبيعي والعلاقات السببية فيه عبر التجريب والاستنتاج، بينما يعالج الدين الأسئلة الروحية والمعنوية الأخلاقية والفلسفية التي قد يتجاوزها العلم. يُعتبر الأول طريقا لمخاطبة عقل الإنسان، بينما يعمل الثاني على مخاطبة روحه.

دعوني أستعرض بعض الأمثلة التاريخية الحديثة لتوضيح هذه العلاقة المتكاملة:

1) إسحاق نيوتن، الفيزيائي الشهير الذي وضع قوانين الحركة والقصور الذاتي والجذب العام، كان أيضًا رجل دين ملتزم. لقد اعتقد أنه بإمكانه فهم طبيعة الله من خلال دراسة خلقه (الكون).

2) كارل ساغان، عالم الفلك الأمريكي الراحل والذي اشتهر بتقديماته الرائعة والمباشرة للعلوم للجمهور، كان يؤمن بأنه ليس هناك تناقض بين الاعتقاد الديني والقبول العلمي للعلم. قال ذات مرة: "العلم والكهنوت هما نفس الشيء... [كلاهما] يهتم بالبحث عن الحقائق".

3) فرانسيس كولينز، أحد علماء الحمض النووي الريبوزي المنزوع الأكسجين (DNA)، ذكر كيف ساعدت معتقداته الدينية -التي كانت أساساً مسيحية بروتستانتية- في تشكيل رؤيته للأبحاث البيولوجية. رأى جمال خلق الله وتفاصيل تصميمه الدقيق داخل الخلايا البشرية.

هذه الأمثلة وغيرها تُظهر كيف يمكن للإنسان ذو الرؤية الواسعة الجمع بين الغربتين، فالاستمتاع بالإنجازات العلمية ومواجهة الأسئلة المعنوية والأخلاقية المرتبطة بها بحكمة توافقية تعمق فهمنا للحياة نفسها. إنها رحلة شخصية تتطلب المرونة والتسامح تجاه نقاط الجدل الغامضة، لكن الهدف منها هو الوصول إلى فهم أقرب لحقيقة شاملة تحترم كلا الجانبين.

الوسوم المستخدمة:

...

...