في أحد الأيام، وقف النبي محمد صلى الله عليه وسلم يلقي خطبته لصلاة الجمعة عندما جاءت عربة قادمة من الشام، فتناسى الناس أمر الصلاة وانطلقوا لاستقبال العربة الجديدة. وفقاً لحديث جابر بن عبد الله، نزل الوحي تشديداً على أهمية حضور الصلاة ومراعاتها، حيث ورد: "وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفذوا إليها وتركوك قائما". وبحسب الروايات المتعددة، فقد بقي النبي صلى الله عليه وسلم وحده يقظان بينما غادر الجميع تقريباً باستثناء عدد محدود للغاية -اثني عشر رجلاً حسب بعض الروايات- لم يغفلوا عن واجبهما الديني.
على الرغم مما يبدو أنه انتهاء الاجتماع الرسمي لصلاة الجمعة بسبب خروج معظم الحاضرين، إلا أن هناك تفسيرات متباينة بين العلماء حول كيفية تعامل النبي صلى الله عليه وسلم فيما بعد. البعض يرى أن الخطبة والاستخلاف قد استمرا مع هؤلاء الرجال الاثنى عشر القلائل، وأنهم أدوا فريضة الجمعة بشكل صحيح. ومع ذلك، فإن مجموعة أخرى من العلماء اشترطت وجود عدد أكبر بكثير لحضور مثل هذا الحدث الكبير، ربما يصل عددهم لأربعة وعشرين فردًا كحد أدنى لإتمام الأمر بشكل صحيح ودقيق. هنا يناقش المفسرون احتمال عودة أولئك الذين رحلوا سابقاً ليصبح مجموع المصليين أربعمئة رجل مرة أخرى. تبقى وجهة النظر النهائية مرتبطة بمبدأ التشريع الإسلامي الخاص بصلاة الجمع والجماعة وكيف ينطبق عليها قوانين الاشتراطات العدديّة والتوقيت المناسب لها.
وفي نهاية المطاف، يؤكد العديد من الأكاديميين المسلمين كالشيخ ابن عثيمين والنووي وابن رجب أن أساس الفتوى الأساسية هنا تكمن ضمن تلك المسائل المختلف عليها داخل الفقه الإسلامي والتي تتطلب دراسة معمقة لفهم مدى تأثير السياق الزمني والمعرفي حين كتابة تلك التفاصيل التاريخية الدقيقة الواقعة خلال حقبة الدعوة الإسلامية المبكرة.
ومن الجدير بالذكر أيضاً أن القرآن الكريم نفسه يشجع المؤمنين على حضور مجالس العلم والحكمة ويحذر من الانشغال عنها بما يسمى "التجارات واللهوات"، وذلك لتأكيد مكانتها وسط حياة المجتمع المسلم اليومية وتعزيز دوره الاجتماعي المرتفع للأعمال الخيرية والدينية.