- صاحب المنشور: إياد الدمشقي
ملخص النقاش:موجز الموضوع
تُشكِّل تقنية الذكاء الاصطناعي المتقدم تحدياً كبيراً على مستوى العالم. رغم الإمكانات الهائلة التي يُمكن لهذه التقنيات تحقيقها -من تحسين الرعاية الصحية إلى تعزيز الاستدامة البيئية- إلا أنها أيضاً تحمل مخاطر أخلاقية واجتماعية كبيرة. هذا المقال يناقش بعض هذه المخاوف ويتعمق فيها بهدف فهم أفضل للآثار المحتملة للذكاء الاصطناعي المطور على المجتمع والدين.
أولاً: الخصوصية والأمان
يعتبر الوصول غير المصرح به والحيازة غير القانونية للمعلومات الحساسة أحد أكبر المواضيع القلق بشأن مستقبل الذكاء الاصطناعي. يمكن لأنظمة التعلم العميق المعتمدة على البيانات الكبيرة انتزاع واستنتاج معلومات شخصية دقيقة. إذا لم يتم تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي بإرشادات واضحة، فقد يتعرض الناس للتطفل أو حتى للاحتيال بطرق لم يكن يعتقد أنها ممكنة سابقًا. علاوة على ذلك، مع تزايد اعتماد الأجهزة الآلية "المستقلة" مثل السيارات بدون سائق أو الأنظمة الطبية الذاتية التشخيص والاستشفاء، يصبح الأمن السيبراني قضية أكثر حسماً وأهمية. كيف يمكن ضمان عدم تعرض تلك الأنظمة للهجوم، وكيف سنضمن سلامتها ضد الجهات الضارة؟
ثانياً: البطالة والتغيير الوظيفي
ربما تكون إحدى أهم الثورات الاجتماعية الناجمة عن الذكاء الاصطناعي هي التأثير الكبير الذي سيحدثه على سوق العمل. العديد من الدراسات تشير إلى احتمال حدوث تغيير جذري في أنواع الوظائف المتاحة نتيجة الاعتماد المتزايد على الروبوتات ومعدات الذكاء الاصطناعي. قد يؤدي ذلك إلى زيادة معدلات البطالة بين العمالة البشرية مما يستدعي إعادة نظر شاملة في أنظمة التعليم والإعداد المهني لتلبية الاحتياجات الجديدة للسوق. ولكن أيضًا، هناك وجه آخر لهذا الأمر حيث ستكون هنالك فرص جديدة للاستثمار وتوسيع نطاق الأعمال التجارية بناءً على حلول الذكاء الاصطناعي. لذلك، فإن إدارة عملية التحول نحو الاقتصاد الرقمي تعتبر ضرورية للحفاظ على العدالة الاجتماعية.
ثالثاً: المشكلات الأخلاقية والقيم الإنسانية
يتعلق جانب مهم آخر بالتعارضات المحتملة مع المثل الدينية والقيم الثقافية المحافظة. تُطرح الأسئلة حول الحدود التي يجب وضعها لمنع تمكين تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي من تجاوزها والسلوك خارج السياقات الأخلاقية المعروفة لدى المجتمع الإسلامي. مثلاً، هل سيكون مقبولاً شرعياً تطوير روبوت ذكي قادر على اتخاذ قرارات طبية مستقلة بالمخالفة للقواعد الشرعية والأخلاق الإسلامية؟ ولذلك، فإنه من الواجب على مجتمع البحث العلمي المسلم النظر بتأنٍّ وبحث عميق في الجانب الأخلاقي قبل أي خطوات جادة فيما يتعلق بالتكنولوجيا المستندة إلى الذكاء الاصطناعي.
باختصار شديد، يحمل مشهد الذكاء الاصطناعي آفاقاً عظيمة لكنه يشكل أيضا عبئاً ثقيلًا تحتّم علينا مواجهة مجموعة واسعة ومتنوعة من التحديات الأخلاقية والحاسمة اجتماعياً. إن إدراك تلك المخاطر مبكرًا واتخاذ الخطوات المناسبة لإدارة تأثيراتها سوف يساهم بلا شك في توجيه التنمية المستقبلية لهذه التقنية نحو مسار يعكس قيمَنا ويحقق مصالحنا العامة.