- صاحب المنشور: بدر العروسي
ملخص النقاش:
في ظل التحولات الشديدة التي يشهدها عالمنا المعاصر، تواجه الجامعات العربية مجموعة معقدة ومتشابكة من التحديات التي تهدد كفاءتها واستدامتها. هذه الورقة تستكشف بعض أهم هذه المشاكل، متأملة في فهم عميق لتاريخ وثقافة المنطقة لمعرفة كيفية مواجهة تلك العقبات والمضي قدماً نحو مستقبل أفضل للتعليم العالي.
تعد مسألة تمويل التعليم أحد أكثر القضايا حدةً وأهميتها في هذا السياق. غالباً ما يتم النظر إلى قطاع التعليم باعتباره عبئاً مالياً ثقيلاً على الحكومات المحلية والشركاء الدوليين، مما يؤدي إلى تقليص الاستثمارات اللازمة لتحسين البنية الأساسية والتكنولوجيا والبحث الأكاديمي. يمكن تتبع جذور المشكلة حتى السياسات الاقتصادية الكبرى والتي تركز عادة على القطاعات المنتجة مباشرة للموارد. وعلى الرغم من إدراك العديد من الخبراء لأهمية الاستثمار طويل الأمد في رأس المال الفكري، إلا أنها تبقى أمراً محسوماً سياسياً بحكم الأولويات الأخرى مثل الأمن والاستقرار الاجتماعي. يبرز هنا تناقض بين حاجة مجتمعاتنا لبناء قوى عاملة قادرة ومواكبة للتطورات العالمية وبين الواقع الحالي حيث يتعرض البعض لمستويات متفاوتة من الخدمات التعليمية.
إلى جانب نقص التمويل، تشمل عوامل أخرى تؤثر سلباً على أداء مؤسسات التعليم العالي انتشار فجوات كبيرة في جودة التدريس والمعايير البحثية داخل البلدان نفسها وفيما بينها وبين نظرائها الغربية أو الآسيوية المتقدمة تكنولوجياً واقتصاديا واجتماعيا أيضاً. وقد عملت جهود الإصلاح الأخيرة -خاصة فيما يتعلق بإدخال نظام المؤهلات الأوروبية والكفالة ذات الجودة المنخفضة بموجب ضغوط المؤسسات المالية الدولية–على زيادة تفاقم الوضع عبر فرض هياكل جامعية جديدة ربما تكون غير مناسبة ثقافيا ولغويا ولنظام التشغيل العام لسوق العمل والحياة الاجتماعية بأسرها.
بالإضافة لذلك هناك مشكلتان مترابطتان وهما الهجرة الذهنية وعدم القدرة على خلق بيئة بحثية محفزة ومبتكرة بسبب افتقار الأفراد والمؤسسات لدعم علمي وفني مناسب يساعدهم على تأليف دراسات أكاديمية عالية المستوى وجاذبة لرأس المال الدولي والعربي أيضا وذلك نتيجة ضعف ارتباط النظام التربوي بالأهداف الوطنية الطويلة المدى وكذلك عدم توفر منافذ تسويقية موثوق بها لاستيعاب منتجات العلم والثقافة المختلفة داخليا وخارجيا مما ينتج عنه عزوف الكثير ممن يحملون شهادات عليا عن العمل بالجامعات وابتعادهم عنها تمامًا باتجاه مجالات اخرى اكثر ربحا ماديا ورؤية واضحة لمسار حياتهم العملي والتي غالب الاحيان لاتكون مرتبطه ببرامج تدريبية حصلوا عليها أثناء سنوات تعليمهم العليا .
وفي النهاية فإن حلول هذه المشاكل تحتاج لإرادة سياسية قوية وشاملة تقوم بتحديد أولويات قطاع التعليم ضمن خطط اقتصادية وطنيه طويلة الاجل تعمل على تطوير منظومة كامله تبدأ منذ مرحلة رياض الأطفال وصولا للحصول على درجات علميه عاليه تمر خلال مراحل مختلفه منها الثانويه والعليا بالإضافة لاعطاء دور اكبر للجهات الخاصه كمشارك فعال وليس مجرد مورد اضافى حيث ستعمل مشاركاتهما جنبا الي جنب نحو تحقيق هدف واحد