- صاحب المنشور: ليلى بن سليمان
ملخص النقاش:
إن المساعي الرامية لدمج القيم الإسلامية مع أفضل الممارسات التعليمية العالمية تفتح آفاقاً جديدة ومثمرة لتطوير نظم تعليمية قادرة على تحقيق التوازن بين الروحي والفكري. يركز هذا السياق على كيفية توظيف الأخلاق والأهداف الدينية لبناء نظام تعليمي ليس فقط ينقل العلوم والمعارف بل يُرْبِي أيضاً على قيم العدالة والإنسانية والكرم التي حث عليها الدين الإسلامي الحنيف.
تُعد الفلسفة التربوية الإسلامية جزءاً أساسياً من التاريخ الإنساني، حيث تُبرز أهمية التعليم منذ مرحلة الطفولة المبكرة حتى مرحلة الكبر. يؤكد القرآن الكريم والسنة النبوية على ضرورة نشر العلم، كما ورد في قوله تعالى: "اقرأ باسم ربك الذي خلق" [العلق:١] وفي حديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم". هذه الأحاديث تحمل رسالة واضحة حول المكانة العالية للتعلم والإدراك المعنوي له.
يتسم النهج التعليمي الإسلامي بكثافة عميقة تعتمد على الجوانب الروحية والنفسية والعقلية للمتعلمين. فالتعليم هنا ليس مجرد نقل للمعارف، ولكنه يشمل أيضًا تطوير الشخصية وتنمية المهارات العملية والدبلوماسية. يجب أن يتوافق التعليم الإسلامي مع روح الشريعة وأخلاقها، مما يشجع على احترام البيئة واحتضان ثقافات الآخرين بينما تحتفظ بعزيمة الإيمان الخاصة بها.
في ظل عالم مُقسم ومتنوع كاليوم، تلعب الأفكار والمهارات المستمدة من التعلم الإسلامي دورًا أساسيًا في بناء جسور التواصل والحوار البناء. يمكن لهذا النوع من التعليم تحسين العلاقات الدولية وتعزيز السلام العالمي عبر ترسيخ فهم مشترك للتسامح والتضامن. إن الجمع الناجح بين المعرفة الحديثة والقيم التقليدية سيولّد جيل قادر على مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين واستخدام قدراته لإحداث تغيير إيجابي.
لذلك، فإن الطريق لتحقيق مستقبل أكثر ازدهارًا يستوجب تبني منهج شامل وملتزم بالإسلام كأساس لدفع عجلة التحضر المعاصر. باعتباره دينًا علمانيًا بامتياز يعترف بقيمة المعرفة ويقدر مساهمتها في خدمة البشرية جمعاء، يتمثل الأساس المنطقي لاستراتيجياتنا المتعلقة بالتربية والثقافة في استيعاب رؤى الماضي والاستعداد لمستقبل مزدهر يلبي مطالب المجتمع الحديث.
