- صاحب المنشور: إحسان بن توبة
ملخص النقاش:
التأثير البيئي للتكنولوجيا موضوع معقد ومتعدد الأوجه يتطلب فهماً متعمقاً لكيفية تفاعل البشر مع الطبيعة. بينما تمثل التقنيات الجديدة تطورات كبيرة في الراحة والكفاءة والإنتاج، فإنها تأتي أيضاً بتكلفة بيئية تتراوح بين الخفيفة والشديدة. إنها قصة ثنائية حيث يمكن لهذه التطورات نفسها أن توفر حلولاً لمشاكل بيئية قائمة أو تعزز منها.
تعتبر الطاقة المتجددة أحد الأمثلة البارزة. لقد أدى تطور تكنولوجيات مثل توربينات الرياح والألواح الشمسية إلى انخفاض ملحوظ في الاعتماد على الوقود الأحفوري، مما قلل من الانبعاثات الكربونية التي تساهم في تغير المناخ العالمي. وفقا لتقرير صادر عن وكالة الطاقة الدولية لعام 2022، زادت توليد الكهرباء بواسطة الطاقة المتجددة بنسبة مذهلة بلغت 14% عام 2021. هذا التحول يعكس التأثير الإيجابي الذي يمكن للابتكار العلمي أن يحدثه في مجال الحفاظ على البيئة.
مع ذلك، الجانب الآخر من هذه القطعة الذهبية يظهر عندما ننظر في إنتاج وتخلص المعدات الإلكترونية. تُعرف هذه العملية باسم "دورة الحياة" للإلكترونيات، والتي تشمل التصنيع والاستخدام والنفايات. المواد المستخدمة في صنع الهواتف الذكية والحواسيب والشاشات الكبيرة غالباً ما تحتوي على معادن سامّة مثل الرصاص والقصدير والزرنيخ. عند دفن هذه المنتجات بدون تخزين آمن أو إعادة تدوير صحيح، تصبح هذه المعادن مصدر قلق كبير لأنه يمكن أن تسرب إلى التربة والمياه الجوفية، مستهدفهً النظام البيئي بأكمله.
نمو السوق الافتراضية هو مثال آخر يستحق البحث. رغم أنها خفضت حاجتنا للمسافات الطويلة والسفر الشخصي وبالتالي تقليل الانبعاثات الناجمة عنه، إلا أنها أحدثت زيادة في استهلاك الطاقة بسبب مضاعفات العمل خلف الشاشات عبر شبكات الإنترنت العالمية. حتى الآن، يستخدم قطاع البيانات العالمي حوالي 3٪ من إمدادات العالم من الكهرباء وأكثر من 1.6 مليار طن متري من انبعاثات CO2 سنويًا - وهو ما يقارب حجم المملكة المتحدة كلها حسب تقديرات مؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغيرات المناخ.
وبالتالي، يبقى التحدي الأكبر في ضمان استخدامنا للتكنولوجيا بطريقة مسؤولة ومستدامة بيئياً. وهذا يعني الاستثمار في الحلول الصديقة للبيئة خلال مراحل تصميم منتجاتنا واستخدامها وإعادة تدويرها. إنه أيضا دعوة للوعي المجتمعي وللتشريعات الحكومية لدفع عجلة الانتقال نحو اقتصاد أكثر أخضر. فالعلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا ليست مجرد ثنائية اختيار بين الفائدة الذاتية والمسؤولية المجتمعية؛ بل هي تفاوض دائم بينهما.
إن عصر التكنولوجيا قد بدأ بالفعل ولكن القرار النهائي حول شكل المستقبل يكمن في كيفية إدارة تلك العجلة الدوارة بكفاءة وصحة وصلاح. إن فهم عميق لإمكانيات التكنولوجيا وآثارها أمر جوهري لاستراتيجية ناجحة لحماية كوكب الأرض وتحقيق تقدم اجتماعي واقتصادي مستدام.