في بعض مناطق العالم الإسلامي، انتشر اعتقاد غريب يتمثل في تصديق البعض على وجود ساحرات وسحرة قادرين على التحكم بالجن وحبسهم داخل زجاجات. هؤلاء الذين ينادون بهذه القدرة يدعون أنها تتجاوز حدود الطبيعة المعروفة، وأنها نتيجة لعلاقة خاصة مع عالم آخر غير مرئي. ولكن هل هذا الادعاء مبني على أساس صحيح وفقا للشريعة الإسلامية؟
وفقاً للشريعة الإسلامية، فإن مثل هذه "القوة" المزعومة هي في الواقع جزء من أعمال السحر والكفر. يُعتبر السحر عملاً محرمًا شرعاً، وهو نوع من التقرب إلى المردة والشياطين عبر الطاعات المتنوعة. هؤلاء الأفراد، أي السحرة والفجار، ليسوا مجرد متلاعبين بالعقائد الدينية، بل هم أيضاً يعدون شركاء لله عز وجل. وهذا أمر خطير جداً لأنه يقوض الإيمان الواحد بالله الحق سبحانه وتعالى.
إذا كان الشخص مدعي التمكن من السيطرة على الجن يؤكد عدم تقربه منها، ويكشف عن قدرته على حبسه داخل زجاجة، يجب التعامل بحذر شديد. فالصدق في مثل هذه الأمور مستبعد تماما لأن معرفة حقيقة حدوث عملية الحبسة أم لا تعتمد بشكل أساسي على أقوال هذه المخلوقات الغامضة والتي يمكن لها الكذب بلا ريب حسب معتقدات الدين الإسلامي الأصيلة.
بالإضافة لذلك، ليس هنالك أدلة علمانية مؤكدة تدعم فرضية قدرة الإنسان على احتجاز الجن داخل أجسام مادية كالزجاجات. حتى لو افترضنا جدلاً احتمالياً لهذه العملية، يبقى الطريق نحو تحقيقها مجهولا ومعقداً للغاية ولم يتم توثيقه بطرق موثوق بها ضمن المجتمع العلماني أيضًا.
ومن منظور ديني وعقلاني كذلك، يبدو التركيز على اكتشاف وتأكيد احتمالات كهذه أمر هامشيا وغير منتج بالنظر لأولويات الحياة الإنسانية الأخرى الأهم والأكثر أهمية بكثير مثل تعزيز الروابط الاجتماعية والإسلامية الصحيحة والتقدم العلمي المفيد للإنسانية جمعاء بدلاً من تضييع الوقت والمجهود خلف عجائب خارقة ومخيفة مصدرها الشيطان وليس الرحمة الإلهية الربانية المباركة.
ختاما، بالنسبة للسؤال المطروح هنا: "هل بإمكان البشر حقاً الاستيلاء والحبس المؤقت لشخصيات جنية داخل حجرات مغلقة مثلاً"، تجدر الإشارة إلى عدم توافق هذا السلوك مع القواعد الأخلاقية والدينية لدى المسلمين فيما يتعلق بالسحرة والسحر ذاته الذي يمثل عمل شيطاني صرف ولذلك فهو ممنوع قطعيا بموجبات العقيدة الإسلامية الراسخة منذ القدم وزمن الرسالة المحمدية الأولى صلى الله عليه وسلم وحتى يوم القيامة بعونه جل وعلى.