- صاحب المنشور: كشاف الأخبار
ملخص النقاش:
مع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين خلال العقد الماضي، أصبح واضحًا أن تنافسهما القوي يؤثر بشكل كبير ومتزايد ليس فقط على علاقاتهما الثنائية ولكن أيضًا على النظام العالمي بأكمله. هذه العلاقة المعقدة والمتميزة بتاريخ طويل ومفصل من العلاقات التجارية والاستراتيجية تشهد الآن تحولاً نحو حالة توتر متفاقم يشمل عدة مجالات رئيسية مثل الأمن والتكنولوجيا والتجارة العالمية.
تُعتبر الصين حاليًا ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة، وقد حققت نمواً هائلاً منذ الانضمام لاتفاق التجارة العامة للبلدان النامية (GATT) عام 1986 ومن ثم منظمة التجارة العالمية (WTO) عام 2001. هذا الانتعاش الكبير الذي قادته استثمارات ضخمة في البنية التحتية والبناء الحضري أدى إلى زيادة كبيرة في الدخل والقوة الشرائية لدى الطبقات الوسطى المتنامية داخل البلاد. بالمقابل، تواجه الولايات المتحدة تحديات مرتبطة بتراجع موقعها كدولة ذات هيمنة اقتصادية وعسكرية مطلقة بسبب المنافسة الآخذة في التصعيد مع الصين ومع دول أخرى أيضاً.
في أعقاب الأزمة المالية لعام ٢٠٠٨ والتي أثرت بشدة على الاقتصاد العالمي، اتبعت بكين نهجا مختلفا عن واشنطن فيما يتعلق بسياساتها المالية والنقدية الداخلية والخارجية. بينما لجأت أمريكا إلى سياسات التحفيز المستمرة والدعم الحكومي الضخم للاقتصاد المحلي والأجنبي عبر مجموعة متنوعة من التدابير غير التقليدية (كالبرنامج الكمي)، فضلت الصين اعتماد سياسة أكثر حذراً واستدامة تعتمد بشكل أساسي على الإنفاق العام والإصلاح الهيكلي لتحسين إنتاجيتها وتعزيز قدرتها التنافسية العالمية. بالإضافة لذلك، حرصت الحكومة الصينية على الحد من تأثير الفجوات الاقتصادية المناطقية وتفاوت مستويات الدخل عبر تطوير مشاريع عملاقة لبناء المدن الذكية والشبكات الحديثة للنقل والبنية الأساسية الرقمية مما عزز مكانتها كمبتكرة رائدة في مجال الطاقة الشمسية وأنظمة الرياح وغيرهما الكثير.
غير أنه وعلى الرغم من كل تلك الإنجازات التي حققتها الصين، إلا أنها تعرضت لحملة انتقاد واسعة النطاق حول استخدامها "الاستغلالي" لقوانين الملكية الفكرية الدولية وقواعد اتفاقيات التبادل الحر التجارية لصالح مصالحها الخاصة بدلا من ضمان مشاركة عادلة لمختلف الجهات المعنية. كما وجه إليها الاتهام باستخدام العملات الصعبة كورقة مساومة للاستحواذ على رأس مال الدول الأخرى وضغط دولارات الاحتياطي لديها بغرض تمويل شراء شركات اجنبية ومنشآت تكنولوجية ذات أهمية استراتيجية عالية خاصة بمجالات مثل الروبوتات والذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية.
بالانتقال للمستوى السياسي والعسكري، فقد عملت إدارة الرئيس ترامب –وإلى حد أقل إدارة بايدن لاحقا– على فرض رسوم جمركية مختلفة الأحجام بحجة حماية المنتجات الأمريكية وبصفة خاصة القطاعات الأكثر تضرره مثل الزراعة وصناعة الصلب والألومنيوم والفولاذ وغيرها العديد. ومع ذلك فإن التأثير الحقيقي لهذه السياسة ظل محل جدل علمي حيث زادت الرسوم المفروضة من تكلفة المواد الخام الداخلة ضمن عملية التصني