- صاحب المنشور: وجدي الحدادي
ملخص النقاش:
يشهد التاريخ الإنساني تطوراً مستمراً في مسيرة المعرفة العلمية التي تعكس رغبة الإنسان الجامحة لفهم الكون الذي نعيش فيه. وفي هذا السياق، يبرز دور العالم الإسلامي كمركز للابتكار والتطور العلمي خلال العصور الوسطى والأزمنة القديمة. لم يكن الإسلام دينًا يُعارض البحث العلمي أو يعيق التقدم المعرفي كما قد يتبادر إلى الذهن لدى البعض بسبب سوء الفهم أو التقليل من قيمة الإنجازات التاريخية للعرب المسلمين. بل على العكس تماما، فقد شجع القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة فضول البشر الطبيعي ورغبتهم الحقيقية لمعرفة المزيد حول عالمنا ومخلوقات الله سبحانه وتعالى.
أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا "اطلبوا العلم ولو بالصين" مما يدلل على أهمية طلب المعرفة بغض النظر عن مصدرها. وقد وجد علماء العرب المسلمون مثل البيروني والفارابي وابن خلدون وغيرهم أرض خصبة للإبداع العلمي الغني بتراث الثقافة اليونانية القديمة والمترجم حديثاً بعد فترات طويلة من انقطاع التواصل بين الشرق والغرب. أدت جهود هؤلاء المفكرين وجهابذة الرياضيات والفلك والكيمياء وغيرها من المجالات الأخرى دوراً محورياً في تغذية حركة النهضة الأوروبية في القرن الخامس عشر والتي مهدت الطريق نحو الثورة الصناعية لاحقاً.
وعلى الرغم من انتشار بعض المعلومات المغلوطة والتاريخ المُشوّه، فإن الواقع يشير بصراحة بأن المجتمع العربي والإسلامي دعم بشدة كل أنواع الاستقصاء العلمي منذ نشأة الدولة الأموية حتى سقوط الخلافة العثمانية عام ١٩٢٢ميلادي تقريبًا حيث كانت مراصد الفلك والحظائر الطبية والجامعات المفتوحة أمام الجميع تشكل جزءاً أساسياً ومتكاملاً مع روح التعايش المتنوع في تلك الحقبة الزاهية للمعرفة الإنسانية المشتركة عبر حضارات متعددة الأعراق والثقافات المختلفة ولكن موحدة تحت مظلة واحدة وهي محبة الخير والعطاء للأنسانية بلا تمييزٍ لأسباب عرقية او طائفية او قبيلة…الخ .
وفي الوقت الحالي أيضا تستمر هذه الروح الوثابة لإغتنام فوائد التنوير والمعارف المستجدة ضمن نطاق الاعتبار الديني والقيمي الأخلاقي لكل فرد مسلم يؤمن بوحدة هدف الانسان الواحد وهو بلوغ منزلته الكونية المثالية المنشودة وفق وصايا رب العالمين عزوجل : ( يا أيُّها الناسُ إنَّا خلقناكُم مِن ذَكَرٍ وأُنثى وَجعلناكُم شعوبًا وقبائل لتَعارفوا إن أكرمكم عندالله أتقاكم). [الحجرات/ ١٣] وبالتالي فهو نداء للحوار العالمي الأعظم وليس مجرد فقرة مقتصرة داخل غلاف كتاب بعينه! فالرسالة العالمية تحمل رسالة السلام الداخلي والخارجي أيضًا وذلك بإعلان حقائق وجودِ وعدالة نظام الحياة الرباني المقدس المبني الأساس على مدارسه الثلاث التالية:-الشرع ،النبوة,والعلم,فمثلها ثلاث ركائز متماسكة تساهم باستقرار تقدم سياسة دولة مدنية حديثة ذات نهضة علمية مبكرة لحاضر أفضل وغد أجمل بقادم أكثر ازدهارا وتميزا ومساوآة أخلاقيا وفكريا وفلسفيّا….إلى آخره من أمور سامية نبيلتان مضمونتا بجانب تأطيري واحد هو الدين الاسلامي الرحماني أللهوي الأسمى بكل صوره الجمالية الجذابّة.