الإسلام والبيئة: التوازن والتزام

تُشكِّل العلاقة بين الإسلام والبيئة جانبًا حيويًا ومهمًّا من تراثنا الديني والثقافي. يؤكد الإسلام على أهمية الحفاظ على البيئة كنظام متكامل ومترابط يزخ

  • صاحب المنشور: حامد الودغيري

    ملخص النقاش:
    تُشكِّل العلاقة بين الإسلام والبيئة جانبًا حيويًا ومهمًّا من تراثنا الديني والثقافي. يؤكد الإسلام على أهمية الحفاظ على البيئة كنظام متكامل ومترابط يزخر بالفوائد والعجائب التي خلقها الله تعالى لعباده. يأتي ذلك تجسيدًا لقوله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: "هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور" (الملك: ١٥). يعكس هذا الآية الكريمة نهجا شموليا يدعو إلى رعاية وصيانة الطبيعة كإرث للإنسان وأجيال المستقبل.

ينظر المسلمون إلى البيئة باعتبارها هبة سماوية تحتاج إلى الاعتدال والحفاظ عليها. مثلا، يُحث المجتمع المسلم دائمًا على زراعة الأشجار وإعمار الأرض، كما ورد في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن للمؤمن مع كل نخلة يملكها صدقة"، مما يشجع المسلمين على الاهتمام بالأرض واستخدام مواردها بطريقة مستدامة. بالإضافة إلى ذلك، حذّر الدين الإسلامي بشدة من الإضرار بالموارد الطبيعية أو تلويث البيئة، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار". هذه التعليمات تعزز فهمًا عميقًا بأن الإنسان ليس سيدًا مطلقًا للعناصر الطبيعية بل هو مدين للخالق بواجبات محددة تجاه تلك العناصر.

كما أكدت السنة النبوية على قيم الاستدامة والإدارة الذكية للموارد الطبيعية. فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال: «إنما الناس معادن». عندما ننظر إلى هذا الحديث ضمن السياق الأوسع للتقاليد الإسلامية، يمكن استنتاج أنه يتماشى أيضًا مع إدارة مستدامة للأرض والموارد الطبيعية؛ فهي جزء من المنظومة الأكبر للحياة وبالتالي تستحق الاحترام والاستثمار المسؤول.

بالتأكيد، لم يكن الإسلام الأول فعلًا سياسيًا بيئيًا رسميًا بمعنى المصطلحات الحديثة لكنه قدم نظاما أخلاقيا وثقافيا غنيًا يقود العديد من جوانب الحياة اليومية للمسلمين حول العالم نحو الطريق الصحيح لحماية ورعاية كوكبنا العزيز. إن تحقيق توازن بين احتياجات البشر واحترام القيمة الروحية والمعنوية للطبيعة - حسب منظور الإسلام التقليدي - يساهم بصورة كبيرة في بناء مجتمع مستدام قادر على مواجهة تحديات القرن الحالي وما بعده بكل نجاح وتفاني.


حنان بن صديق

6 مدونة المشاركات

التعليقات