- صاحب المنشور: مهندس ياسر عبد الحق
ملخص النقاش:
تطور التكنولوجيا الحديثة وتحديدًا ظهور الذكاء الاصطناعي يشكل تحديًا كبيرًا لمستقبل سوق العمل. مع زيادة اعتماد الشركات على الروبوتات والأتمتة المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة والفعالية، تظهر مخاوف حول التأثير المحتمل لهذه التقنيات على مستويات العمالة البشرية وأجورها ومجموعة المهارات اللازمة للمستقبل. يهدف هذا التحليل إلى استقصاء الآثار المتوقعة لدمج الذكاء الاصطناعي في مكان العمل وكيف يمكن لصناعة التعليم والتدريب الاستعداد لتلك العواقب.
فوائد واستخدامات الذكاء الاصطناعي في أماكن العمل الحالية والمستقبلية:
تشهد العديد من القطاعات بالفعل تحوّلات هائلة نتيجة تطبيق حلول مبنية على الذكاء الاصطناعي. وفي قطاع الرعاية الصحية مثلاً، يستخدم الأطباء الآن أدوات دعم القرار التي تساهم بتحسين التشخيص والعلاج بناءً على بيانات المرضى التاريخية. كما تُستخدم تقنيات التعلم الآلي لتقديم مراقبة أكثر دقة وانتظاماً للأشخاص المصابين بأمراض مزمنة مثل مرض السكري أو أمراض القلب. بالإضافة لذلك، فإن تطوير الخوارزميات القادرة على فهم اللغة الطبيعية يتيح للبرامج المساعدة تقديم خدمات شخصية ومتخصصة للمرضى عبر مختلف المنصات الإلكترونية.
وفي مجال الصناعة، تعمل شركات عالمية كبرى حالياً على تطوير روبوتات ذكية قادرة على القيام بمهام تشغيل آلية ذات مستوى عالٍ من الدقة والكفاءة. فعلى سبيل المثال، تستثمر شركة "Fanuc" اليابانية بكثافة في تصنيع روبوتات متعددة الوظائف مصممة خصيصاً لأعمال البناء والتصميم الهندسي المعقدة. وبإمكان هذه الروبوتات العمل ليلاً نهارًا بلا انقطاع مما يسمح للشركات بإنتاج منتجاتها بشكل مستمر بدون توقفات بسبب نقص اليد العاملة. ولكن رغم وجود تلك الفوائد الواضحة للتقدم التكنولوجي، ثمة نقاش حاد يدور حول دور الإنسان مقابل الآلة في عمليات إنتاج القيمة الاقتصادية.
المخاطر المرتبطة بالأتمتة والاستغناء التدريجي عن العمالة البشرية:
من أهم نقاط الجدل الرئيسية بشأن تكنولوجيات المستقبل هو مدى قدرتها على توليد آثار اقتصادية سلبية كبيرة قد تهدد استقرار المجتمعات بطرق مختلفة. ويقول المنتقدون إن الاضطرابات الناجمة عن إحداث تغييرات جذرية في بنية الأعمال تؤدي غالباً إلى ارتفاع نسب البطالة لفئات سكانية واسعة. فتخيل لو تم تعيين آلاف الأشخاص لإجراء اختبارات جديدة لفحوصات الحمض النووي لديهم أثناء عملية البحث العلمي للتوصل لحلول علاجية مبتكرة - ثم وجدت إحدى المؤسسات الطبية طريقة أفضل باستخدام خوارزمية برمجية! هنا تبدأ المشكلة إذ ستفقد وظائف عدد كبير ممن كانوا يعملون سابقًا داخل هذا المجال. علاوة على ذلك، سيصبح هناك حاجة أقل لموظفين ذوي مهارات خاصة يتمتعون بخبرة طويلة نظرًا لأن الأنظمة الآلية الجديدة تتطلب تدريبًا بسيطًا نسبيًا مقارنة بالموارد البشرية التقليدية. وهذه مسألة خطيرة تحتاج لاتخاذ إجراءات وقائية عاجلة قبل تفاقم الوضع الحالي نحو الأسوأ.
الدعوات لدعم إعادة تأهيل وإعادة توجيه المهارات:
في مواجهة احتمال تعرض ملايين الأفراد لانقطاع مباشر عن عملهم نظراً للدفع نحو استخدام الروبوتات بشكل موسع، أصبح واضحاً ضرورة وضع سياسات شاملة تدعم جهود إعادة تأهيل واحتضان مهارات جديدة بين صفوف قوة عاملة متحولة ديناميكيا باستمرار. ويتعين على الحكومات والشركات الخاصة تنظيم دورات مجانية ومتنوعة بهدف تزويد المواطنين بأحدث معرفة ممكنة حول ماهية الأدوار الجديدة المطروحة حديثًا والتي تحقق تناغم أكبر بين القدرات الإنسانية والإمكانات التكنولوجية الحدي