من فترة طالعت عدة أوراق بحثيّة عمدت إلى تحليل النشاط الدماغي لمحترفي لعبة الشطرنج (Grandmaster) مقارنةً بالهواة ولاعبي التسلية وتزجية الأوقات أمثالنا. خلصت الدراسات لعدّة نتائج أو ملاحظات مثيرة للاهتمام. سأقف هاهنا على ملمحٍ عظيمٍ -بني على هذه الدراسات-
لوحظ في هاته الدراسات بأنّ محترفي اللعبة تنشط أدمغتهم أثناء اللعب في المناطق المعنية بـ(الذاكرة الطويلة المدى)خلافًا للهواة الذين تنشط أدمغتهم في مناطق (التفكير والانتباه). لكن الأكثر إثارة في هاته الدراسات أنّ المنطقة الأكثر عملًا في دماغ محترفي اللعبة منطقة في الدماغ تعرف باسم:
FFA (fusiform face area) والتي تعد جزءًا من النظام البصري البشري المتخصص في التعرف على الوجه، حيث تقوم المنطقة على إدارك تقاطيع الوجه (أنف، وعيون، وفم ...) وتخزينه كصورة قارّة تنماز بها الوجوه بعضها عن بعض.
والحاصل أنّ الإدراك البصري لمحترفي الشطرنج يتعامل مع ميدان اللعب (رقعة الشطرنج) كما لو كانت وجوه بشرية لها سيمياء وتقاسيم:
(خمسة بيادق بيضاء في الصف الثالث،فيل أقصى يمين الصف الأول،قلعتان في أقصى مربعات الخصم...أربعة بيادق سوداء في الصف الثالث، وزيرٌ يحامي عن ملكه، وحصان تجاسر مقتربًا من تخوم دفاعاتي...الخ) وهكذا تختزن أدمغة لاعبي الشطرنج آلاف الصور لمواقع الأحجار المختلفة، وتحرك أحجارها على ضوء ذلك!