حكاية قصيرة من ذاكرتي
١- أنتهى موسم حج عام 1391هـ وعدنا للدراسة، وقف حاج اندونيسي -من أصل حضرمي- يتحدث العربية بلكنة جاوية على دكاننا، وكنت جالسا داخله و كان أبي -رحمه الله- في مواجهة الزبون، تبادلا الحديث و أنجذبا لبعضهما، بدا ان الرجل عالم رباني، فبعض الوجوه تتحدث دون لسان!
٢- قال لي مداعباً: أسمعني حديثاً تحفظه؟، كنت قد حفظت أيامها من كتاب التوحيد في المدرسة قوله صلى الله عليه وسلم: "لا عدوى و لا طيرة و لا هامة و لا صفر"، قال: أكمل، قلت: لا أحفظ الا هذا.
قال: راجع الحديث و أجبني غدا، كانت التكملة: "و فر من المجذوم فرارك من الأسد"!،
٣- ذهب الشيخ بعد أن تسار مع أبي ليعود في اليوم التالي وفي ذات الوقت، ووضع في يد والدي وريقة صغيرة مطوية، ثم سألني عن الجواب، فأجبته. و دعا لنا ثم أنصرف و لم أره بعدها رحمه الله.
لاحظ أبي فضولي! فقال: يا ولدي توسمت في هذا الشيخ خيرا و علما، فطلبت منه أن يعلمني دعاء أدعو به،!!!!
٤- فقال لي: أمهلني الى غد، فالأمر يحتاج الى تأمل وتدبر!، ثم عاد بتلك الوريقة وفيها دعاء كان أبي يكثر من ترديد مقطع أعجبه فيه بصوت عالٍ: "ولا تمرضني مرضاً يقعدني"، حقق الله لأبي أمنيته فمات رحمه الله كما طلب من ربه واقفاً على قدميه.
٥- قلت: أمر الدعاء كأمر الدواء يحتاج الى تدبر و تشخيص و وصفة من المرء لنفسه أو من ذي علم، يبدو أن الدعاء قد لحق بالدواء فقد صار كثيرا و متوفرا يصرفه الطبيب و الصيدلي و بائع الدواء و العوام، لذا فقد قلّت الفائدة منه بل لم يعد ذا جدوى كالمضادات الحيوية مؤخراً.