1- مع تقدم الانسان، تقنّن العنف وصار شبه محتكر من قبل المؤسسات (كالدولة). وجرّد الفرد من ممارسته كنشاط يومي. لكن العنف جزء من تكوين البشر. ووجد البالغون في اللعب تعويضا عن العنف وممارسة رمزية له. وفي المجتمعات الحديثة يتم الاقبال على الألعاب التنافسية لدورها في تنفيس العنف.

2- وفي علم الاجتماع، أي جماعة تتفاعل لوقت طويل ينشأ داخلها نظام تدرجي وتتوازع مراكز القوة والسيطرة على افراد الجماعة. وجماعة الصداقة واللعب (كجماعة الاستراحة في واقعنا المحلي) حتى وان كانت جماعة غير رسمية (بدون لوائح ونظم مكتوبة)، إلا أنها جماعة تحكمها "قوانين العمران".

3- ومن الملاحظ أن هناك انتشاراً واسعاً للعبة البلوت لدى جماعة الصداقة واللعب في مجتمعنا. وقد تفسر كل من التنظيرات الانثروبولوجية لفكرة اللعب لدى البالغين والتنظيرات السوسيولوجية لتوزيع مواطن القوة داخل الجماعة المتفاعلة جزء من سر انتشار البلوت لدى الرجال السعوديين.

4- تأملوا هذه الصورة لمفهوم التراتبية في أحد مكونات مجتمعنا قبل التحديث. يقول س الصويان في كتابه"الصحراء العربية" أن أكثر ما يهم عقيد القوم ليس الكسب المادي بل "إثبات القدرة على التخطيط الاستراتيجي والقدرة على التصرف في المواقف الصعبة وعلى امتلاك الحظ وصفات القيادة وزعامة الرجال"

5- توفر البلوت إمكانية لإبراز "عقداء الجماعة"، فهي تسمح للفرد بأن يظهر قدراته على التخطيط و الدهاء والتصرف السريع في مواقف التحدي والأهم امتلاكه ل"الحظ"، وهو الصفة الأهم لجعل الرجل موضع اتباع ومسموع الكلام.