- صاحب المنشور: ناصر البكري
ملخص النقاش:
في عصر يتسم بسرعة تطور التكنولوجيا وانتشارها عالميًا، تواجه المجتمعات العربية تحديات فريدة تتعلق بالحفاظ على هويتها الثقافية وتراثها الأصيل. يعتبر هذا الموضوع ذا أهمية خاصة حيث تسعى الدول والمجتمعات إلى تحقيق تقدم تكنولوجي مع الحفاظ على القيم والأعراف التي شكلت تاريخهم وثقافتهم الغنية. يشكل التقارب الافتراضي والعولمة تحديات جديدة قد تؤثر بشكل مباشر على التعريف بالنفس الثقافي للشباب العربي المعاصر.
**التأثير المتضارب للتكنولوجيا على الهوية الثقافية**
من ناحية، تُعد وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت أدوات فعالة لتعزيز الاتصال والمعرفة حول العالم، وهي تمكّن الشباب العرب من تبادل الأفكار والخيارات بطريقة لم يكن ممكنًا الوصول إليها من قبل. ومع ذلك، فإن هذه الأدوات تحمل أيضًا مخاطر فقدان بعض جوانب ثقافتهم المحلية. يمكن للأطفال والشباب الذين يعيشون وسط بحر المعلومات الواسع عبر الإنترنت أن يفقدوا ارتباطهم بالتقاليد والممارسات الدينية التي تشكل جوهر هويتهم الإسلامية والعربية.
**الاستخدام الإيجابي لتكنولوجيا المعلومات لصالح التراث الثقافي**
على الرغم من هذه المخاوف، هناك طرق لاستخدام التكنولوجيا لأغراض تعزز فهم وتقدير التراث الثقافي العربي. مثلاً، تعتبر المنصات الرقمية الحديثة مثل مواقع الويب وأدوات الوسائط المتعددة فرصة عظيمة لعرض الفنون الشعبية والآثار التاريخية بنطاق واسع أكبر مما كان متاحًا سابقًا. بالإضافة لذلك، تسمح خدمات التعليم الإلكتروني بتوفير دورات دراسية ومحتوى تعليمي يحافظ ويروِّج للمفاهيم وقيم المجتمع العربي.
**دور الأسرة في تعزيز الوعي الثقافي لدى الأطفال**
تلعب الأسر دورًا حاسمًا في توجيه أفراد عائلاتها نحو استخدام تقنيات الاتصالات بثبات وإيجابية. إن تعريف الطفل المبكر بأصوله الثقافية والحث عليه حضور الفعاليات الاحتفالية والدينية والقراءة عن التاريخ الإسلامي والثقافة العربية يعد أمور مهمة لحماية وضمان بقاء هويتنا الوطنية. علاوة على ذللك، شِدْ العرى على قواعد الأخلاق الحميدة وتعليم القيم الإنسانية ضرورة ملحة للوقاية ضد التأثيرات الضارة المحتملة للجوائز الخاطئة أو الظلم الذي قد يعاني منه البعض بسبب سوء فهم المفاهيم العالمية المستوردة بدون مراعاة السياقات الخاصة بنا.
**خطوات مستقبلية للحفاظ على الهوية الثقافية باستخدام التكنولوجيا بشكل فعال**
لتجاوز الصراع بين التحديث والتقاليد، هناك حاجة لاتخاذ خطوات مدروسة لتحقيق تكامل أفضل بينهما. ومن الأمور المقترحة التالي:
- إدراج المناهج الدراسية والثقافية عن طريق المؤسسات الحكومية وشركات كبرى داخل القطاع الخاص بهدف رفع مستوى الوعي العام بحفظ تراثنا المتفرد واستعماله كأساس لبناء مجتمع عصري فريد ومتداخل ذاتيا.
- التنفيذ الموحد لوحدة متخصصة تعمل تحت مظلة الجامعات والإدارات الإعلامية لإنتاج محتوى شامل يغمر جميع نواحي الحياة اليومية - سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية – وذلك لضمان شمول الصورة كاملة لكل فرد عربي مهما اختلف موقعه الجغرافي حالياً.
- عقد ملتقيات سنوية دولية تجمع خبراء متخصصين واجتماعيين لدعم جهود إعادة بناء جسوراً تربط الماضي بالمستقبل وبالتالي تثبيت مكانة البلاد ضمن خارطة العلاقات الدولية الجديدة المؤتمتة رقميًا والتي باتت امتنا تستحق لها مكانتها الريادية بها حق مشروع وممكن التحقيق بالفعل!
وبهذا الشكل، بإمكان المواطن العربي تحديد وجهته الشخصية تجاه الثورة الرقميّة باعتبارها أداة مساعدة وليس عبئ ثقيل الأثقال يقوده خارج نطاق ثوابته الأولية المُوروثة منذ القدم فضلا عمّا تحمله تلك الأعراف الشعبية من رسوخ عميق في قلوبنا وما تزخر به الروح البشرية من رغبة أصيلة للاستقرار النفسي والسلوكي طالما ظل مصطلح "هويتي" مرتبطاً برابط عضوي ثابت بمفهوم وطنِي موَحّد وخالد يبقى أبداً رمز العزة والمجد لمن ينتمى إليه ولو بعد حين