- صاحب المنشور: عهد القاسمي
ملخص النقاش:
استقطبت العلاقة بين العلم والدين انتباه الفلاسفة والباحثين عبر التاريخ الإنساني؛ حيث تحاول هذه الدراسة استكشاف مدى تعايشهما وتكاملهما. يتضح لنا بأن الطرح القائل بتنافرهما أمر غير صحيح تاريخيا وفلسفيا. ومع ذلك، فإنه يُلاحظ وجود خلاف حول كيفية تقبل كل طرف الآخر واحترام مجالات تخصصه الخاصة. إن الحوار الهادئ والمستمر ضروري لتأسيس فهم مشترك لهذه العلاقة الإستراتيجية.
في الأوساط الإسلامية، غالبا ما يتم التركيز على دور القرآن الكريم والسنة النبوية كدعامتين أساسيتين للعلم الشرعي الإسلامي. يشدد الدين الإسلامي على أهمية طلب العلم والمعرفة باعتبارها مصدرًا للتكامل الديني والفكري. قال الله تعالى في القرآن الكريم: "وقل رب زدني علمًا" [طه:114]. يشجع هذا البيان المسلم على الاستمرار في رحلة التعلم طوال حياته. بالإضافة إلى ذلك، يعترف الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بقيمة المعرفة، موضحا أنه ليس هناك عيب في تعلم أي شيء مفيد حتى لو كان ذلك ضمن مجال العلم الطبيعي.
وعلى الجانب الآخر، يمكن النظر إلى العلم الحديث وكأنه جهد بشري للبحث والتفسير المنطقي للعالم المادي الذي خلقته الله. رغم اختلاف الأساليب والأهداف، إلا أنها تستند جميعها إلى نفس الحقائق الكونية التي توحي بنظام عالمي ذو ترتيب متناهي الصغر والكبير. بالتالي، فإن توافق العلم مع التعليمات الأساسية للإسلام - مثل الوحدة والإخلاص لله، وعدم إيذاء النفس أو البيئة - يؤكد عمق العلاقة المتبادلة بين الاثنين والتي تتجاوز مجرد التواجد جنبا إلي جنب.
إلا انه وعلى الرغم من هذه الأدلة الواضحة، ظلت بعض الجهات تفسر هذه العلاقات بطرق يصعب قبولها. فقد ادعى البعض ان العلم يناقض مقتنيات الدين وأصوله، بينما زعم آخرون بأن العلم هو الطريق الوحيد نحو معرفة حقيقية ودقيقة للمجهول. وفي الواقع، يبدو هذين الرؤيتين أحادية الجانب وغير دقيقة. فعلى سبيل المثال، لم تكن الاكتشافات الحديثة متعلقة بالخلق والكون متعارضة أبدا مع اعتقاد المسلمين بالعناية الربانية وإنشاء الخليقة. وبالمثل، لم يكن تطبيق علوم الحياة لمعالجتنا الصحية ومحيطينا اليومي ضد روح الأخلاق الإنسانية أو واجبات الشريعة.
إن الحل الأمثل يكمن في تقديم نهج شامل ومتساوي لكل من المجالين الديني والعلمي. ويجب تشجيع الأفراد على الانغماس في دراساتهم الشخصية واتخاذ قرارات مستنيرة بناءً على معتقداتهم وقيمهم الخاصة. ومن خلال القيام بذلك، سوف تبدأ مجتمعات العالم المختلفة بإدراك قيمة واستدامة الحفاظ على توازن صحي بين احتياجات الروح والجسد. وهذا لن يحقق العدالة الاجتماعية والحكم الذكي فحسب بل سيسمح أيضا بفهم أفضل للحياة بشكل أوسع داخل حدود كوننا الرحبة.???