حكم بناء الكنائس والديار للمستأمنين

لقد كانت العلاقة بين المسلمين وغيرهم من أهل الكتاب موضوعًا مثارًا للنقاش منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم. وتجدر الإشارة إلى أنه وفقا للإسلام، يُسمح

  • صاحب المنشور: فايزة بن عاشور

    ملخص النقاش:
    لقد كانت العلاقة بين المسلمين وغيرهم من أهل الكتاب موضوعًا مثارًا للنقاش منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم. وتجدر الإشارة إلى أنه وفقا للإسلام، يُسمح لغير المسلمين ممن يعيشون تحت حماية المسلمين -وهم المستأمنون أو الذميّون- بممارسة شعائر دينهم بحرية ضمن حدود معينة. هذا يشمل حقهم ببناء أماكن عبادتهم مثل المعابد والكنائس.

تتجلى هذه الحرية في العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبويّة. يقول تعالى: "لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ" [الكافرون: 6]. كما تشير أحاديث نبوية مختلفة إلى ضرورة احترام حقوق الآخرين، ومنها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما كان من خير فمن الله وما كان من سوءٍ فمن نفسي". وفي سياق ذمّ الذمّة، قال النبي الكريم أيضًا: "من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته فأنا خصمه يوم القيامة." رواه مسلم.

لكن يجب التنويه بأن وجود الدور والمعابد لأهل الذمة ليس مطلقاً بلا قيد. فهي محكومة بشروط وضعها الإسلام لحفظ الأمن والاستقرار الاجتماعي وردع أي اعتداء على الأقلية المسلمة. تلك الشروط تتضمن عدم رفع صوت بأعلى صوت المؤذنين أثناء الصلوات، وعدم نشر المسيحية وتحويل غير مسلمين إليها، والحفاظ على اللباس المتعارف عليه لدى السكان المحليين، بالإضافة إلى دفع الجزية كتعبير عن الاعتراف بالهيمنة السياسية والدينية للدولة الإسلامية.

وفي نهاية الأمر، يبقى الحكم الأخلاقي والإنساني والإسلامي واضحًا فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الأقليات الدينية. فالرسالة الأساسية للإسلام هي التسامح والعيش المشترك والسعي نحو السلام الداخلي والخارجي. وهذا ينطبق أيضا عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان وحريات الأفراد بغض النظر عن معتقداتهم الدينية. لذلك، فإن بناء وإنشاء دور عبادة لمستأمني الدولة هو أمر مقبول ومشجع إذا تم ذلك وفق القوانين والشريعة الإسلامية التي تضمن العدالة الاجتماعية والتناغم المجتمعي.


زهور الحسني

7 مدونة المشاركات

التعليقات