- صاحب المنشور: كشاف الأخبار
ملخص النقاش:
تغيرت طبيعة الاقتصاد العالمي بشكل كبير مع تقدم التكنولوجيا والانتشار الواسع للرقمنة. أصبح التحول الرقمي ليس مجرد اتجاه يتبعه بعض الشركات، بل ضرورة حتمية ينبغي لكل مؤسسة فهمها والاستجابة لها لحماية بقائها ومنافسيتها في السوق. هذا الانتقال نحو اقتصاد رقمي له تأثيراته المعقدة والمباشرة على بيئة عمل اليوم وعلى مستقبل الوظائف المتاحة للأجيال القادمة. يواجه العالم حاليا تحولات عميقة ستكون لها تداعيات بعيدة المدى، تتراوح بين خسائر وظيفية كبيرة بسبب الاستبدال الآلي لبعض الأدوار إلى فرص جديدة تفتح أبوابا غير مسبوقة أمام مهارات وأساليب عمل متطورة.
التهديدات والتحديات المحتملة:
- استبدال الروبوتات والأتمتة: أحد أكثر المواضيع إثارة للجدل هو دور الذكاء الاصطناعي والروبوتات في عالم الشغل. هناك مخاوف جدية بشأن فقدان ملايين الوظائف التقليدية التي يمكن لأدوات ذكية مثل هذه القيام بها بكفاءة أكبر وبسعر أقل بكثير. قد يؤثر ذلك بشدة على العاملين في قطاعات عدة منها التصنيع، الخدمات المالية، البيع بالتجزئة وغيرها. فمثلا، قدرت دراسة أجرتها شركة "ماكينزي" العالمية أن ما نسبته 45% من الأنشطة الحالية للموظفين حول العالم معرض للاستبدال بالأتمتة بحلول العام ٢٠٣٠.[1] كما ذكر تقرير آخر صدر عام ٢٠١٩ أن حوالي ١٤ مليون شخص سيخسرون أعمالهم نتيجة لاستخدام روبوتات التشغيل الآلية خلال الأعوام الخمسة عشر المقبلة.[2] وهذه مجرد توقعات مبنية على البيانات الحديثة؛ إذ تشير العديد من الدراسات الأخرى إلى احتمالات أعلى بكثير لتغيير شكل سوق العمالة جراء عملية التحول الرقمية الجارية.
ملاحظة جانبية
على الرغم مما سبق، تجدر الإشارة هنا إلى أنه رغم وجود تهديدات حقيقية بفقدان عدد كبير من الوظائف التقليدية القديمة، فإن نفس تلك العملية ستولد أيضاً دفقاً جديداً كبيراً من الفرص الجديدة المرتبطة بمجالات ابتكارية لم تكن موجودة سابقاً. بالإضافة لذلك، حتى وإن تم استغناء بعض المهارات اليدوية التقليدية لصالح الوسائل المستندة للحوسبة، إلا أنها لن تختفي تمامًا لأن الإنسان يبقى مطلوبًا لقيادة وخلق آلات صنع القرار الأكثر تعقيدا والتي تستوجب الفهم العميق لمساحات مشاكل الأعمال واحتياجات الجمهور المختلفة. فعلى سبيل المثال، يستطيع البشر التدخل لإعادة برمجة خوارزميات التعلم الضخم عندما يحدث خطأ أو تغيُّر ظروف خارج نطاق تمثيل بيانات التدريب الأولي الخاص بهم. ولذلك، سيكون التركيز الأساسي للسوق الجديد كله حول رفاهية النوع البشري وإرشاده نحو الاتجاهات الصحيحة عبر الدمج الناجع للتكنولوجيتن الفائقتن كالذكاء الإصطناعي، الواقع الافتراضي وغيرهما كي يتم تطوير نماذج عمل مبتكرة وشخصنة خدمات أفضل تلبي مختلف الاحتياجات الخاصة للأفراد والجماعات داخل المجتمع الحديث.
- عدم المساواة الاجتماعية: تعددت وجهات النظر حول مدى تأثير الثورة الرقمية على الوضع الاجتماعي الحالي كتجمع للقوى السياسية والاقتصادية. بينما يرى البعض أن عصر المعلومات الرقمي يعزز الشعوب المهمشة ماليا ويحفزها نحو تحقيق المزيد من المكاسب الاقتصادية - وذلك نظرا لأنه يعمل كمصدر رئيسي مفتوح الوصول لكل الأفراد بدون حدود مادية محددة– يشكو آخرون ممن شملهم تغييرات السوق الأخيرة بسرعتها المفاجئة وضعف دعائم الضمان الاجتماعي لدعمهم أثناء مرحلة الانتقال الحرجة هذه. ومن الجدير بالملاحظة هنا كون الطبقات الدنيا اجتماعياً غالبا ما تكون هي أقل قدرة على التأقلم المرغوب فيه امتصاص الصدمات الناتجة حديثاً عنه. وهذا يعني بالضرورة حاجتها الملحة لأخذ وقت اطول مقارنة ببقية القطاعات الاجتماعية الاخرى لفهم ومتابعة