- صاحب المنشور: كشاف الأخبار
ملخص النقاش:
على مدى العقود الأربعة الماضية، شهد العالم تغيرات هائلة نتيجة لعولمة الاقتصاد. تعني هذه الظاهرة زيادة التكامل الدولي للأسواق، وتدفق رؤوس الأموال والأفراد والسلع عبر الحدود الوطنية. وقد أدى ذلك إلى تحولات جذرية في العديد من جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وفي هذا السياق، تعتبر جمهورية الصين الشعبية واحدة من أكثر الدول تأثيراً وضوحاً في كيفية تأثير العولمة على اقتصاداتها المحلية وعلى مستوى العالم ككل. ستتناول الدراسة الحالية تقييماً شاملاً لتأثير عولمة الاقتصاد الصيني وكيف أثرت تلك العملية على البيئة الداخلية والخارجية للاقتصاد الصيني.
تُعتبر قصة نجاح التنمية الصينية المعاصرة مثالًا مثاليًا لدور العولمة في دفع النمو الاقتصادي. فقد حققت البلاد معدلات نمو غير مسبوقة منذ انضمامها لمنظمة التجارة العالمية عام 2001؛ حيث ارتفع معدل النمو السنوي المتوسط للناتج المحلي الإجمالي بنسبة حوالي 9% بين الأعوام 2000 وحتى نهاية عقد العشرينات الأول من القرن الحادي والعشرين. كما عزز الاندماج في النظام التجاري الدولي القدرة التنافسية لمصنعي الأجهزة الإلكترونية والتكنولوجيا الفائقة وغيرهم ممن يعتمدون بشدة على الواردات الرخيصة للمواد الخام والمكونات الأساسية. ولكن هل كانت رحلة التحول نحو العولمة خالية تماما من المشاكل؟ أم أنها خلقت تحديات خاصة بها داخل السوق الداخلية وخارجيا أيضا؟ وهل استطاعت الحكومة المركزية إدارة هذه التأثيرات بطريقة فعالة ومتوازنة؟ وإلى أي حد وصل الانصهار الثقافي وقدرته على مواجهة خصائص المجتمع التقليدية غربي نهر اليانغتسى شرقي البلاد؟ كل هذه تساؤلات مهمة سوف تستكشف خلال بحثنا التالي حول ظاهرة العولمة وأثرها المجمع على الوضع الحالي لسوق العمل وجاذبية الاستثمار الداخلي والخارجي بالإضافة لأبعاد أخرى ذات علاقة وثيقة مثل الأمن القومي والحفاظ على الهوية الذاتية وسط التدافع المتزايد للأعراف الغربية الحديثة.
الآثار الاقتصادية للعولمة على الصين
بدأت عملية فتح الأبواب أمام المستثمرين الأجانب وتسهيل حرية تدفق الأفراد والسلع منذ مطلع التسعينيات أثناء رئاسة دينغ شياو بينغ آنذاك وانتهاء بحكومة الرئيس الحالي شي جين بينغ الذي يشهد فترة ولايته الثالثة حالياً والتي أكد عليها مجدداً مؤخرا باستمرار سياسة الباب المفتوح رغم الضباب السياسي المحتمل بسبب جائحة كورونا وما أعقبها من توتر عالمي عميق. ومن وجهة نظر موضوعية فإن نتائج تطبيق سياسات الإصلاح والانفتاح قد جاءت متباينة نسبياً حسب منظور المصالح المختلفة سواء لناحية مردوديتها المالية أو اعتباراتها السياسية، إذ أنه بينما ساعد الاتفاق التجاري ثنائي الجانب مع الولايات المتحدة الأمريكية عام ١٩٧٩ بشكل كبير وعلى المدى القصير بتقديم فرص عمل لشريحة كبيرة من اليد العاملة الصينية الناشئة وقت ذاك وبالتالي رفع مستويات الدخل لديهم مما مهد بدوره لقدوم عصر التصنيع الكمي لاحقا لكن بالمقابل فإن اعتماد الدولة بشكل زائد عن الحد بالأخص بعد سنة ٢٠٠٠ تقريبا على تصدير المنتوج النهائي ذو القيمةخفضة ولإرضاء الطلب الخارجي الكبير عليه بات يعيق القدرات المحلية لتحقيق نهضة حقيقية قائمة بذاتها بعيدا عن الاعتماد السلبي المؤقت للإنتاج السلعي المنخفض النوعية. إضافة لذلك فإن نظام الملكية الحكومية الشامل جعل من الصعب تنظيم قطاع خاص حيوي قادر على تحديث البنى التحتية وإنشاء مشاريع جديدة ذات فائدة مجتمعية طويلة الاجل خصوصا عقب اندلاع الأزمة المالية العالمية الأولى التي عصفت بسوق المال الأوروبي والمỹاني بداية اثنان وعشرون شهر فبراير الموافق لحوالي السنة العاشرة لإلتحاق بكين بمجموعة منظمة التجارة العالمية وذلك نتيجه لمخالفات واضحة لقواعد التعريف الجمركي المخفضة مقارنة بقوانين الاتحاد السابق وتضييع حقوق حقوق ملكية فكرية لفواعل محلية ضد منافسين اجانب أقوى منها . ويلاحظ