- صاحب المنشور: لقمان الحكيم القفصي
ملخص النقاش:
تُعدّ ظاهرة العولمة أحد أهم التحولات العالمية التي طرأت على المجتمع الإنساني الحديث. فالعولمة هي عملية تعزيز الارتباط المتبادل بين مجتمعات العالم المختلفة، وتكثيف تبادل المعلومات والأفكار والمنتجات والثقافات عبر الحدود الجغرافية. وقد أدى هذا الاتصال الوثيق إلى تغييرات عميقة ومتشعبة في مختلف جوانب الحياة البشرية، بما في ذلك الهويات الثقافية والقيم الاجتماعية والممارسات الدينية. وفيما يلي نقاش مفصل حول هذه التحديات والفرص.
التحديات:
- التهديد بالانصهار الثقافي: يثير البعض مخاوف بشأن تأثير العولمة السلبي المحتمل على التنوع الثقافي العالمي. حيث إن تزايد انتشار ثقافة الغرب والإعلام الرقمي قد يؤدي إلى تناقص تميز الأصناف الثقافية المحلية والفناء التدريجي لبعضها. وهذا ربما يقود إلى فقدان هويات تاريخية وتقاليد عريقة كانت جزءاً أساسياً من حياة العديد من الشعوب منذ قرون طويلة. وعند النظر لأسباب مثل الحروب والصراعات الاقتصادية وغيرها والتي تعددت خلال القرنين الأخيرين، نجد أنها غالباً ما تكون بسبب الصراع الناجم عن الاختلافات الثقافية أو اللغات أو الأديان. ولذلك فإن تقليل الفرق الثقافي عالميا يمكن اعتباره خطوة نحو السلام الدولي والسلم الاجتماعي داخل الدول أيضا. إلا أنه مقابل ذلك، هنالك خطر تهدد به العولمة بانصهار كل شيء فيما يبدو ككيان واحد متجانس بلا روح ولا أصالة ولا خصوصية مميزة لكل شعب وثقافته الفريدة!
- التأثيرات على القيم والممارسات الدينية: تعتبر القيم الإسلامية وأثرها الواضح واضحًا في تشكيل معتقدات وممارسات المسلمين اليومية. لكن أمام انتشار الأفكار المناخرة للموروث الديني التقليدي، وجب التنبيه للأخطار المصاحبة لتلك التأثيرات الخارجية غير المرتبطة بالقيم الإسلامية الأساسية. فعلى سبيل المثال، يشكل استخدام الإنترنت وانفتاح الشباب المسلم عليه تحديًا كبيرًا بتعرضهم لمحتوى خارجي بعيدا عن قيم ديننا الإسلامي؛ مما ينتج عنه احتمالية كبيرة لانغماس بعض هؤلاء الشباب أكثر فأكثر بالعناصر المخالفة للشريعة وضريبة الاستسلام لهذه الأفكار المنذرة بالمفسدة واتباع نهج معاكس تمامًا لما يدعو اليه الدين الحنيف .
- النظام التعليمي: أثرت أيضًا العولمة على نظم التعليم بكافة أشكالها وتوجهاتها، بل إنها فرضت نموذجا تعليميا موحدا نوعا ما يعرف بنموذج "الهجين"، ويجمع عناصر مختلفة كالمدارس الحكومية الخاصة والمعاهد الدولية المعتمدة ببرامج دولية مشهورة كتلك المطورة بأوروبا وأمريكا الشمالية. ولكن بينما يعد هذا التغيير مطلبا ملحا للتطور الأكاديمي والعلمي وتعزيز مهارات طلبتنا وخلق بيئة عمل مستقبلية مدنية حديثة ومتطورة، الا ان ثمن تحقيق تلك الغاية سيكون باهظ الثمن إذا قلنا بأن تكلفة تطبيق منظومات تعليم جديدة ستكون مكلفة مادياً وفكريابشكل خاص إذ يتطلب الأمر إعادة بناء نظام كامل للتعليم بما فيه الأهداف والبرامج والمناهج الدراسية وكذا تطوير المعلمين الحاليين لإعدادهم لإدارة النظام الجديد وتحسين خدمتهم المقدمة للطلبة المستهدفين. بالإضافة لذلك فان اختلاف المقاييس الوطنية للحصول علي مؤهل جامعي مقارنة بمواصفات المؤسسات العلمية الرائدة عالميًا سيدفع الطالب الجامعي لمزيدٍ من العمل والدراسة المضاعفة بهدف الحصول علی شهادة جامعة ذات وزن اكبر وقبول أكبر لدى سوق الشغل وظروف اخرى عدة متعلقة بحياة الشخص العمليات العملية والاستقرار المالي وما إلى غير ذالك كثير. وبالتالي فسيكون لهذا الوضع آثار جانبية مرتسمة تجاه تضخم معدلات البطالة وصعوبة اندماج الخريجين ضمن المشهد المهني المحلي وذلك نتيجة عدم توافق المتطلبات الوظائفية مع المؤهل الذي حققه تلك الفئات أثناء سنوات دراستهم الجامعية المبكرة والذي ظهر لاحقا بعد انتهائهم منها