- صاحب المنشور: بلقاسم المدغري
ملخص النقاش:
إن المسألة المرتبطة بالإسلام والمساواة هي نقاش معقد ومتعدد الأوجه يثير اهتمامًا واسعًا على المستوى العالمي. يسعى هذا التحليل إلى توضيح كيف يتعامل الإسلام مع قضية المساواة من خلال استكشاف متطلباته الدينية الأساسية وكيف يمكن تكييف هذه التعاليم لتلبية المعايير الحديثة للمساواة.
في الأساس، يؤكد القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة على قيمة الإنسان كخلق كريم ومهم لدى الله عز وجل. يقول الله تعالى في سورة الحجرات (49:13): "يَا أَيُّهَا الناسُ إنَّا خَلَقْناكمْ مِن ذَكَرٍ وَأنثى وَجَعَلْناكُم شعوباً وقبائِل لِتَعارَفوا"، وهذا يوضح التنوع الإنساني ويؤكد على أهمية جميع الأفراد بغض النظر عن جنسه أو عرقه أو أصله العرقي. كما يؤكد الحديث النبوي الشريف الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى" (رواه أحمد)، مما يدحض أي تمييز قائم على أساس اللون أو الجنس.
تشمل جوانب المساواة الرئيسية في الإسلام عدة مجالات رئيسية:
**المساواة بين الذكور والإناث**
على الرغم من أنه يوجد اختلافات وظروف خاصة بين الرجال والنساء في الدين الإسلامي، فالعقيدة الإسلامية تؤكد بوضوح على أهمية واحترام النساء. وقد وجه النبي محمد صلى الله عليه وسلم تحذيراً شديداً ضد ظلم المرأة فقال: «استوصوا بالنِّساء خَيْراً فإنما هُنَّ عوانٌ عندكم» (رواه البخاري). وفي خطبة الوداع الشهيرة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، حذر المسلمين بشأن حقوق المرأة وحرمة الاعتداء عليها بأي شكل كان.
وفي كثير من الأحكام القانونية والتطبيقية داخل المجتمعات الإسلامية، هناك جهود مستمرة للتحسين وتحقيق المزيد من الحقوق للمرأة مثل التعليم والمشاركة السياسية والأعمال التجارية. ومع ذلك، تبقى بعض القضايا محل خلاف وتفصيل دقيق، ويتشكل الرأي العام حولها بناءً على تفسيرات مختلفة للشريعة. مثلاً، تعد مسألة مهور الزواج وحضانة الأطفال أمثلة محددة قد تنوع آراء المحافظين والحداثيين بشأن مدى توافقها مع تطبيق معايير المساواة الدولية.
**المساواة الاقتصادية:**
يشجع الإسلام بشدة العمل الحر والاستحقاق كمبادئ أساسية للإنتاج والكسب الشخصي. ينظر الإسلام بعين الريبة للثراء غير المشروع ويحث المؤمنين على مشاركة ثرواتهم مع المحتاجين وفقًا لاتجاهات واضحة في القرآن الكريم والسنة المطهرة. مثال على ذلك قوله تعالى: "
ومع ذلك، فقد تكون هنالك تحديات عملية لتطبيق سياسات اقتصادية شاملة وضمان عدم ترك أي شخص خلف الركب فيما يتعلق بحصول الجميع على حقوقهن/ حقوقهم الاقتصادية الكاملة المكافئة ضمن مجتمع تسوده المبادئ الأخلاقية الإسلامية.
**المساواة أمام القانون**
يعترف الإسلام بمبدأ سيادة القانون وينص بوضوح على ضرورة احترام الحقوق والحريات الأساسية لكل فرد مسلم وغير مسلم يعيش تحت حكم شرائعه وشريعته. يشترط الإسلام نظاماً قضائيا عادلا وعادلا يتمتع فيه المدعي والدفاع بتيسير الوصول إلى إجراءات قانونيه مستقلة ومنصفة. لكن التطبيق العملي لهذا المبدأ قد يتفاوت بشكل كبير عبر البلدان المختلفة وأنظمة الحكم القائمة بها والتي تتبع تعاليم الاسلام بدرجات متفاوتة الوضوح والصرامة.