بالرغم من أنها لم تكن المرة الأولىٰ، إلا أن بدني ما زال يقشعرُّ كلما رأيت هذا المنظر؛ رجلٌ علىٰ مقربة من السبعين زادهُ الله بسطةً في الهيئةِ والجمال، كان يتمرن بجانبي في النادي ويُهاتف صديقه بأعلى صوته عن إحدى الفتيات الجميلات التي شاهدها في مكانٍ ما! ما الذي يجري ياعالم؟
يتحدّث بصوتٍ حتىٰ وإن كنت أصم ستسمع مايقوله؛ شدّني أكثر عندما بدأ يصف هذه الفتاة على صديقهِ قائلًا بلهجتهِ النجديّة: "يا طر جيبي يوم تِقبل بعيونها الكحيلة .. وضحىٰ يامقبل؟ والله تسنها حدا بناتي وصارت أغلى"
نظرتُ إليه و قد جحظت عيناي استنكارًا، تقطّب الحاجبين، ازداد وجهي سوادا، ككل الأشياء من حولنا اليوم؛ فقلت بيني وبين نفسي: يارب الستر و حُسن الخاتمة، لا أريد في هٰذه الحياة سواها.
كان هذا أوّل يوم أراه في النادي؛ هذا الرجل صاحب الابتسامة التي لا تُفارق وجهه، ذو الملامح النورانيَّة التي يتضوَّعُ منها سيماءُ البهاء، لهُ سكسوكة ملكيّة قاتمة السّواد من أثر الصبغة؛ يفضح كبر سنه شَعره الأبيض الذي على فَوْدَيه وذراعيه؛ لكنه يعتقد أنه لازال شابا مراهقا..ياطر جيبي!
وسيم جدّا، مهيب الطلعة؛ تقول صادقًا حين تراه: وكأنَّ الدُّنيا جاءت جاثيةً عند قدميه، أكاد أجزم أنه لو خرج لمكانٍ عام؛ ستجد أعين الفتيات تلتففن من حوله في كل مكان، وكأنه شمسٌ مضيئة، تطوف مِن حولها الكواكب والأقمار؛ استغل مظهره واقتسم مع الشباب ملاحقة الفتيات .. تلك قسمة ضيزىٰ!