- صاحب المنشور: كشاف الأخبار
ملخص النقاش:
تتمثل إحدى أهم التحديات التي تواجه المجتمع الدولي عند محاولة تحقيق السلام الدائم في المناطق المتضررة من الصراعات المسلحة في عدم الاستقرار السياسي والعسكري الذي يعقبها. يتجلى هذا بوضوح في الوضع السوري الحالي حيث أدى أكثر من عقد من الحرب الأهلية إلى دمار واسع النطاق وفقدان للحياة وتشريد داخلي وخارجي هائل للمدنيين. وفي حين تمكنت القوى الدولية والمؤسسات الإنسانية من تقديم بعض المساعدة العاجلة والطويلة الأمد للناجين، فإن عملية إعادة الإعمار وبناء سلطة مركزية قابلة للاستمرار تشكل عقبة كبيرة. وهذا التحليل يستكشف المجالات الرئيسية للتحديات الحالية ويستعرض الحلول المحتملة لهذه المشكلة المعقدة.
1. ضعف البنية التحتية المؤسسية والهياكل الحكومية
تعمل الدولة السورية تحت نظام سياسي شمولي منذ تأسيسها عام ١٩٤٦ وقد تضررت مؤسسات حكمها بشدة خلال سنوات النزاع الأخيرة مما جعلها غير قادرة على توفير الخدمات الأساسية لمواطنيها أو ضمان الأمن والاستقرار. فالفساد الواسع الانتشار داخل الحكومة أثّر بشكل كبير على قدرتها على استعادة ثقة الشعب كما أن غياب وجود تحالف حقيقي بين الفصائل المقاتلة المختلفة يحرم أي اتفاق سلام محتمل من فرص نجاح مستقبلية طويلة المدى. علاوة على ذلك، أدى ظهور مناطق ذات سيادة فعلية خارج نطاق سيطرة النظام الرسمي مثل إدلب وأجزاء كبيرة من شمال شرق البلاد، بسبب توغل القوات التركية وقوات كردية موالية لأمريكا، إلى خلق وضع متعدد السلطات يزيد الأمر تعقيداً. لذلك فإن تطوير هيكل جديد للأجهزة الحكومية يمكن الوثوق به والذي يشجع مشاركة المواطنين وتعطي الأولوية لاحتياجاتهم المحلية يعد أمراً ضرورياً لإرساء دعائم مجتمع مدني فعال ومستقر.
2. قضايا اللاجئين والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية
هجرة ملايين الأشخاص فرارا من أعمال العنف الجارية خلفت آثارا اجتماعية واقتصادية عميقة ليس فحسب على السكان السوريين وإنما أيضا على الدول المجاورة المضيفة لهم. فقد اضُطر العديد منهم للعيش في ظروف مكتظة وصعبة وغير مستقرة بينما تعرض آخرون للاضطهاد والمعاملة المهينة أثناء سفرهم عبر الحدود بحثًا عن ملجأ آمن. وعلاوة على ذلك، فإن عودة هؤلاء النازحين مؤقتا أو دائما ستكون مصحوبا بدرجات متفاوتة من التعقيد حسب الظروف الخاصة بكل منطقة وكذلك الطريقة التي يتم بها إدارة العملية برمتها. وستعتمد مدى نجاح جهود اعادة الادماج هذه بالدرجة الأولى على سياسات التشجيع الاقتصادية واستراتيجيات دعم العلاقات الاجتماعية المحلية التي يتم تصميمها بعناية لتلبية احتياجات جميع الأطراف المعنية. ومن الجدير ذكره هنا أنه بالإضافة إلى المخاطر البشرية الكامنة المرتبطة بالحروب نفسها، هناك أيضاً تهديدات أخرى تهدد حياة اللاجئين مثل الأمراض المعدية والحروق والإصابات الأخرى نتيجة لاستخدام ذخائر تقليدية شديدة الانفجار والتي تلحق أضراراً جسيمة بالأراضي الزراعية والبنى التحتية المدنية.
3. الدين الخارجي وعدم الثقة السياسية
لقد فرضت العقوبات الغربية المفروضة على إيران والنظام السوري عبئاً كبيراً على كاهل اقتصاد البلد وشعبها إذ أنها حدّت بشكل كبير من القدرة الوطنية على الوصول إلى السوق العالمية والتفاعل مع العالم الخارجي بحرية نسبية. ويتفاقم تأثير هذه السياسات الخارجية عندما يأخذ المرء بنظر الاعتبار التقلبات المتكررة في ديناميكيات التحالفات الإقليمية والدولية المؤثرة مباشرة على مسارات العملية السياسية الجارية حالياً