- صاحب المنشور: يونس بن عاشور
ملخص النقاش:
في السنوات الأخيرة، شهد العالم تطوراً ملحوظاً في تقنية الذكاء الاصطناعي (AI)، مما أدى إلى تحسين العمليات والإنتاجيّة في العديد من المجالات. بينما يستمر هذا التقدم، تنامت مخاوف بشأن تأثير الارتفاع المتزايد للذكاء الاصطناعي على سوق العمل البشري والاقتصاد العالمي. يناقش هذا المقال هذه المخاوف ويحللها بشكل نقدي لتحديد مدى دقةها وكيف يمكن التعامل معها.
من الواضح أن الثورة الرقمية الحالية تتسبب في تغيير جذري لكثير من الصناعات التقليدية؛ فقد بدأ الذكاء الاصطناعي بالفعل بتولي وظائف متعددة كانت موكلة سابقا للموارد البشرية. تشمل الأمثلة الشائعة هنا الروبوتات التي تعمل في خطوط الإنتاج، الأنظمة البرمجية الآلية لتحقيق الطلبات والشحن، وأجهزة المحادثة الفورية المدعومة بالذكاء الاصطناعي لمساعدة الخدمة العميل. يبدو الأمر كما لو أنه بالنسبة لأعمال قليلة، باتت هناك حاجة أقل لبرنامج بشرى لأنظمة AI قادرة على القيام بنفس الأعمال بأقل تكلفة وبإتقان أكبر. لكن هل يعني ذلك نهاية مهارات وقدرات الإنسان؟ أم أنها مجرد بداية عصر جديد يتطلب إعادة هيكلة للأدوار والقوى العاملة؟
تشير الدراسات والأبحاث الحديثة إلى وجهين لهذا الرياح النافذة من التكنولوجيا: فبدلاً من محو فرص عمل تمامًا، يتوقع الخبراء تغييرا واسعا للنطاق المهني والمواصفات الوظيفية الموجودة حالياً. تُقدر شركة "ماكينزي" الاستشارية العالمية مثلا أنّ نحو ٢٠٪ من الوقت الذي يقضيه الناس فى عملهم يوميا سيكون ممكنا تجنب استخدامه بواسطة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى بحلول عام ٢٠٣٠، وهو ما يعادل حوالي ١٦٨ مليون وظيفة عالميا وفق تقديراتهم. ولكن عوضاً عن طمس تلك الأدوار، يمكن تحويل جزء كبير منها للإرشادات والتوجيه والاستراتيجية بينما تأخذ روبوتات ذكية زمام الأمور فيما يتعلق بالمهام الروتينية اليومية داخل نطاقات مختلفة كالخدمات المالية والصحة العامة والبناء وغيرها.
لكن رغم كل هذه التحولات المحتملة، تبقى هنالك تحديات وقضايا أخلاقية جادة تستحق النظر إليها بعناية قبل الاستسلام للتفاؤل المطلق حول آفاق مستقبلية مبهرة مدفوعة بالتقدم العلمي الحديث. ومن بين أكثر القضايا أهمية، مسألتان رئيسيتان: الأولى هي كيفية خلق توازن مناسب بين الدعم الحكومي لصناعة الذكاء الاصطناعي وتوفير التدريب اللازم لسوق العمل الحالي والمستقبلي، خاصة وأن بعض الوظائف الجديدة ستعتمد بشدةعلى خبايا ومبادئ علمية حديثة كالتعلم العميق وعلوم البيانات والتي قد لا يتمتع بها الكثير من العمال الآن. أما المسألة الثانية فهي متعلقة بمجال الحقوق المدنية والحماية القانونية حيث انه وفي ظل تسارع انتاج نماذج اخراجية ذات قدرة عالية علي حل المشاكل واتخاذ القرار المنتهي بنتائج غير محتسبة احيانا, فإن احتمال حدوث حالات ظلم وتميز اجتماعية بسبب قراراتها المتحيزة ضد افراد ضمن مجموعات معينة وارد