- صاحب المنشور: عيسى الصيادي
ملخص النقاش:
في ظل تطور العصر الحديث وتسارع وتيرة التكنولوجيا والمعرفة، يقف المسلم اليوم أمام تحديات كبيرة لتكيف مع متطلبات هذا الزمان والحفاظ على هويته الإسلامية. يأتي دور التعليم كمحرك رئيسي للنمو الشخصي والاستمرارية المجتمعية حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "طلب العلم فريضة على كل مسلم". لكن كيف يمكن للمجتمع الإسلامي تحقيق التوازن بين تعزيز القيم الدينية والتطلع نحو الريادة العلمية؟
إن فهم طبيعة الدين الإسلامي كمنظومة شاملة تشمل جوانب الحياة كافة هو الأساس لتحقيق توافق بين العلم والدين. يؤكد القرآن الكريم والسنة المطهرة على أهمية طلب المعرفة واستخدامها بشكل نافع ومفيد لمصلحة الإنسانية جمعاء. يشجعنا الله تعالى في قوله عز وجل "
بالنظر إلى التاريخ الإسلامي الغني، نجد أنه شهد نهضتان علميتان عظيمتان خلال فترة الخلافة الأموية والعباسية. تميزت هاتان الفترة بالتقدم الكبير في مختلف المجالات مثل الفلسفة، الرياضيات والفلك، الطب والكيمياء وغيرها الكثير. فقد بلغ علماء المسلمين مستوى عالٍ جدٌّا في البحث والإبداع، وأصبح للإسلام إسهاماته البارزة في تطوير الحضارة البشرية.
لكن مع مرور الوقت، حدث نوعًا ما من الانقطاعات المتكررة أدى لانحسار مساهمات العالم الإسلامي في مجال العلوم مقارنة بباقي الشعوب الأخرى. ولعل السبب يعود جزئيا لقضايا سياسية واجتماعية داخلية وخارجية أثرت بشكل كبيرعلى البيئة العلمية آنذاك. بالإضافة لذلك، فإن بعض التأويلات الضيقة لبعض المفاهيم الدينية ادت الى وقوف غير مبرر ضد التعلم والعلم، وهو أمر مخالف للتوجهات العامة للدين.
اليوم، حيث نعيش عصر ثورة المعلومات وزيادة الطموحات العالمية لإحداث تغييرات جذرية، يتعين علينا إعادة النظر بأولوياتنا كمجتمع مسلم بشأن كيفية استيعاب وتوظيف هذه التقنيات الحديثة للحفاظ على الهوية الثقافية والأخلاقية دون انقطاععن سيرورةالتقدمالبشري .
وفي حين تقدم بعض الدول الإسلامية محاولاتها الجادة لاعتماد سياسات تعليم حديثة تتناسب والمستوى العالمي منها دول الخليج العربي التي حققت تقدماً ملحوظاً في مؤشرات القدرة التنافسية وطنياً وعربياً، إلا أنها تحتاج أيضا لنشر ثقافة بحث معرفي عميق وغرس حب الاستقصاء لدى الناشئة والشباب وبناء مؤسسات أكاديمية تدعم الأبحاث التطبيقية المؤثرة عالميًا وهذا بدوره سيولد بيئة محفزة لإنجاز مشاريع رائدة تساهم بإيجاد حلول لأبرز المشاكل المحلية والإقليمية وكذلك عرض نماذج نجاح تستحق الاحترام الدولي .
ومن المهم أيضاً إدراكأن تعميم المناهج الدراسية المعتمدة حالياً والذي غالباً ماتكون مستوردة خارجياً قد يفوت الفرصة لبناء منهج خاص بالمجتمعمسلم يتم فيه دمج قيمه وثوابتهمع ميوله المعرفية الخاصة به وبالتالي سنتمكن من خلق مجتمع متكامل يستطيع مواجهة أي تحدي بشكل فعال وفريد حسب رؤيتنا الخاصة للعالم .
ختاما ، إن الطريق نحو ريادة علمية تضم جميع أفراد المجتمع بكل فئاتهم العمرية والجنسيه لن يتأتى الا بتفعيل دور الحكومات والدوائر التربوية للأخذ بعين الاعتبارأهمية تزكية الأفكاروالطاقات الشابة وتعزيز روح التفكير المستقل لدى طلاب المدار