- صاحب المنشور: مروة بن تاشفين
ملخص النقاش:
يعيش العالم اليوم في عصر يتميز بترابط اقتصادي وثيق بين الدول حيث تتشابك المصالح التجارية والمالية عبر الحدود الوطنية. هذا الربط يعكس مدى تعقيد وتفاعل الأنظمة الاقتصادية على نطاق عالمي مما يجعل دراسة وفهم هذه الديناميكيات أمرًا بالغ الأهمية لكل من العلماء والمنظمين والجمهور العام أيضًا. يتأثر النظام الاقتصاد العالمي بقوى كبرى منها التكامل الجمركي، التجارة الدولية، الاستثمار الأجنبي المباشر، التقنية المتقدمة والتغيرات المناخية بالإضافة إلى السياسات الحكومية المختلفة.
تعتبر الهند إحدى دول مجموعة BRICS والتي تشكل محور اهتمام كبير بسبب نموها الاقتصادي الكبير خلال العقود الأخيرة. شهدت البلاد ارتفاعا ملحوظا في مؤشرات مثل نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي ومعدلات النمو الاقتصادي، لكنها تواجه أيضا بعض التحديات الرئيسية التي تؤثر على ديناميكيته الاقتصادية العالمية. أحد أكبر تلك التحديات هو نظام العمل الذي لم يتم تطويره لتلبية الاحتياجات المتغيرة للسوق الرأسية؛ فالهند لديها نسبة كبيرة نسبيا من الشباب ولكن العديد منهم خارج سوق العمل لأسباب متنوعة بحسب تقارير منظمة الأمم المتحدة للأعمال والصناعة UNIDO عام ٢٠١٩ فإن حوالي ١٧٪ من السكان الذين تزيد اعمارهم عن ١٥ سنة غير موظفين ولا يبحثون عن عمل وهذا يشكل عبء اضافيًا على فرص التحول المنشود نحو مجتمع منتج بشكل أفضل . كما يعد ضعف البنية الأساسية وخاصة الطرق والجسور والنقل تحدياً آخر أمام تحقيق تقدم شامل ومتوازن داخل الدولة وفي علاقاتها الخارجية ايضًا ، خاصة مع شركائها الرئيسيين مثل الولايات المتحدة الاتحاد الأوروبي الصين وغيرها ممن يساهمون بشدة بإحداث تأثير واضح وملموس على مستقبل العلاقات التجارية والاستثمار المشترك وبالتالي تأثيرات بعيدة المدى علي البيئة الحاضنة للاقتصاد كله وانعكاساتها الاجتماعية أيضاً وسط المجتمع الدولي عموماً .
بالإضافة لذلك هناك قضية الأزمة الصحية أزمة كورونا (COVID-19) والتي اثرت بشكل حاد وتمثل منعطف هامبر في مسيرة التعافي الاقتصادي العالمي بعد سنوات طويلة من الازمات المالية الكبيرة بداية بانفجار فقاعة الدوت كوم وانتهاء بأزمة عام ٢٠٠٨ وما صاحبها لاحقا من اضطرابات سيولة ونمو بطئ حتى قبل جائحة كوفيد-19 نفسها . لقد تركت هذه الحالة آثاراً جذرية واضحة ليس فقط على الصعيد المحلي ولكن عالمياً حيث تضرر قطاع الخدمات والسفر بشكل خاص بينما استفادت قطاعات أخرى كتلك المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة والعادات المنزلية الجديدة الناجمة عنها وذلك نتيجة تحولات ثقافية اجتماعية واسعة النطاق لبناء حياة جديدة أكثر اعتدالاً واستقراراً وأماناً مقارنة بالأوضاع السابقة تماماً .
وفي الأخير يبقى التأثير المحتمل للعوامل السياسية الداخلية والخارجية عامل مهم للغاية إذ يمكن لحكومات مختلف البلدان اتخاذ قرارات ذات تداعيات بعيدة المدى سواء فيما يتعلق بسياساتها الضريبية أو منح امتيازات تجارية محددة للشركات الاجنبية المثيرة للجدل مثلاً وفق منظور حقوق الإنسان والحريات الشخصية وقد يؤدي ذلك لزيادة حدة التوتر السياسي والاقتصادي إذا لم تتم إدارة تلك القرارات باحترافية عالية ومستدامة لما فيه خير الجميع وعلى رأسهم الشعب نفسه بلا شك . إن مواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين تستوجب فهماً متعمقاً للديناميكية المعقدة