- صاحب المنشور: عبد العزيز المسعودي
ملخص النقاش:
في ظل جائحة كوفيد-19 العالمية، شهد العالم تحولا جذريا نحو تعليم افتراضي أصبح ملجأ ضروريا لضمان استمرارية العملية التعليمية. مع ذلك، هذا التحول لم يكن خاليا من التحديات والمخاوف التي تستدعي الانتباه والبحث عن حلول مستدامة. يواجه الطلاب والمعلمين على حد سواء العديد من الصعوبات الفنية والثقافية والعاطفية نتيجة الاعتماد المفاجئ والمطلق تقريبًا على البيئة الافتراضية للتعلم.
تبدأ المشكلة بتفاوت جودة البنية الأساسية الرقمية عبر مختلف المناطق الجغرافية حول العالم. بينما تتمتع بعض الدول بنظام اتصال واسع ومستقر، يعاني آخرون من نقص حاد في الوصول إلى الإنترنت أو حتى الأجهزة اللازمة للحصول عليه. هذه القضية تؤدي مباشرة إلى عدم المساواة بين الطلاب الذين يتمكنون من الاستفادة الكاملة من نظام التعليم الإلكتروني وأولئك المحرومين منه. بالإضافة لذلك، يشعر الكثير من المعلمين بالقلق بشأن قدرتهم على نقل مهاراتهم وعناصر الحماس التقليدية أثناء التدريس عبر الشاشة الصغيرة. فقدان المتعة والتفاعل الشخصي قد يؤثر سلبا على عملية التعلم نفسها.
ومن الجانب الآخر، هناك مخاوف تتعلق بصحة الطالب النفسية والاجتماعية. فالعديد منهم معتادون على بيئة اجتماعية نشطة داخل الصف الدراسي حيث يمكنهم تبادل الأفكار والاستفسارات بحرية أكبر مقارنة بأسلوب التواصل الافتراضي الذي يتطلب مزيدا من التركيز والكفاءة اللغوية. كذلك، يغيب دور الأنشطة الرياضية وغيرها مما كان جزءا أساسيا من الروتين اليومي قبل ظهور الفيروس. علاوة على ذلك، بات لدى الآباء الآن مسؤولية متزايدة للمراقبة والإشراف المباشر لأطفالهم خلال ساعات الدوام المدرسي وهو أمر غير مدروس سابقاً.
على الرغم من كل تلك العقبات المثارة أعلاه، فإن هناك فرص هائلة لتحسين وتعزيز تجارب التعلم الرقمي. يمكن توظيف التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي لتوفير مواد دراسية مساعدة مصممة خصيصًا لكل طالب بناءً علي مستوى فهمه واحتياجاته الخاصة. كما يُمكن تطوير أدوات تقييم أكثر شمولية تشجع المنافسة الإيجابية وتحفز الشعور بالإنجاز دون الحاجة للتواصل وجهاً لوجه دائما. وفي الوقت نفسه، ينبغي دعم المعلمين فنياً ومعنوياً لمساعدتهم علي تحقيق أفضل حالات تدريس افتراضية ممكنة، وبالتالي خلق بيئات تعلم محفزة ومثمرة.
ختاماً، إن تحديات النظام التعليمي الحالي ليست سوى مرحلة مؤقتة ستمر وستترك خلفها دروس قيمة مستفادة. فالعمل بروح الفريق الواحد ومتابعة البحث العلمي النافع سيضمن لنا نهجا جديدا ومتكيّفا يدمج مميزات طرق التعلم القديمة مع ثمار التطور technological الحديث. إنها حقبة انتقالية مليئة بالمخاطر ولكن أيضاً مليئة بالأمل والقادرين عليها بإذن الله.