انتشار مواقع التواصل الرقمي مثل منصات "الفريلانسر" فتح المجال أمام ملايين الأشخاص حول العالم لتقديم مجموعة واسعة من الخدمات المستندة إلى المهارات الشخصية. هذه المنصات تعمل كمواقع وسطاء تربط بين الأفراد الذين يحتاجون لخدمات معينة وبين المؤدين لهذه الخدمات. ولكن، هل يمكن اعتبار مثل هذا الأسلوب مشروعاً وفق الضوابط الإسلامية؟
الإجابة الواضحة هي نعم، طالما أن الخدمة المقدمة مشروعة وغير مخالفة للشريعة الإسلامية. يُشير الفقهاء الإسلاميون إلى أن هذه العملية تعتبر نوعاً من السمسرة أو الوساطة، وهو أمر جائز ومشجع ضمن الشروط المناسبة. الباحث الشهير أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري ذكر في كتابه "الصحيح"، أنه ليس هناك مانع شرعي فيما يعرف بالأجر الذي يأخذه الشخص لدوره في عملية الوساطة (سمسرة).
في فتوى مهمة صدرت عن لجنة دائمة للتحقيق الديني، تم التأكيد على أنه عندما يتوصل الطرفان -الدلال والبائع والمشتري- لاتفاق بشأن الأجر الذي سيقبضونه خلال الوساطة، سواء كان هذا الأجر ثابتاً أم نسبياً بناءً على الربح المحقق، فلا يوجد خطأ ديني. ومع ذلك، يجب أن يظل الأجر ضمن الحدود المتعارف عليها اجتماعياً والتي تحقق مصالح جميع الأطراف بدون فرض أي خسارة أو ظلم لأحد.
بالنسبة للأعمال غير المشروعة مثل تقديم خدمات نقل الخمور أو إدارة المصارف الربوية، فهي تنتهك القوانين والقيم الإسلامية ولا يجوز القيام بها تحت أي ظرف من الظروف. كما يدعونا القرآن الكريم للمساهمة في البر والتقوى وتجنب الإثم والعصيان قائلاً "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان". ولذلك، كل أعمال التجارة يجب أن تتوافق مع ضوابط الدين.