- صاحب المنشور: كشاف الأخبار
ملخص النقاش:
في ظل تطور العلوم الحديثة وتأثيرها الكبير على الحياة اليومية للإنسان، يبرز نقاش مهم حول دور الدين، خاصة الإسلام، في التعاطي مع هذه المعارف الجديدة. يتناول هذا الموضوع كيفية اندماج العلم والمعرفة الدينية بشكل متناغم وكيف يمكن لكل منهما تعزيز الآخر.
بدأت الحضارة الإسلامية بفترة ذهبية شهدت تقدمًا ملحوظًا في مجالات عديدة مثل الفلك والرياضيات والطب والفلك وغيرها. وقد عزز ذلك قدرتها الاستيعابية للعلوم القديمة كالآرامية والفارسية والعربية. فكان لافتاً كيف استطاعت الفتوحات والحركات الفكرية نشر الفلسفة اليونانية والرومانية عبر ترجمتها إلى العربية.
خلال القرن الثامن الميلادي، قام الخليفة الوليد بن عبد الملك ببناء بيت الحكمة الذي جمع بين علماء مختلف الثقافات لنشر علومهم وتعليمهم للأجيال التالية. ومن أشهر الأسماء التي برزت آنذاك الكندي وابن سينا وابن رشد الذين تركوا بصمتهم الواضحة في تاريخ الفلسفة والطب والjurisprudence.
لم يكن الأمر مقتصراً على مجرد نقل للمعارف بل كان هنالك إسهامات أصيلة وأبحاث جديدة أثرت المجال العلمي العالمي. فعلى سبيل المثال، تعدّ نظرية ابن الهيثم في علم البصريات مثالاً بارزاً حيث طالبت بتجارب عقلية قبل التجريبية مما ساهم في تطوير الطريقة العلمية كما نعرفها الآن. أما بالنسبة للأرقام الهندية فقد انتشرت بواسطة العالم المسلم محمد بن موسى الخوارزمي الذي سميت العمليات الرياضية باسمه لاحقاً "الخوارزم" أو "Algorithm" بالإنجليزية.
لكن مع مرور الزمن واجهت المجتمعات الإسلامية تحديات أدت لتراجعٍ مؤقت لصعودها العلمي منها انقساماتها الداخلية واستهداف الغزوات الخارجية لها بالإضافة للتغيرات السياسية والاقتصادية التي جعلت التركيز ينصب أكثر نحو الشؤون الاجتماعية والدينية. ورغم ذلك حافظت المدارس والفقه على زخمها المعرفي مدعومة بقرار السلطات الدينية حينئذ بإعطاء الأولوية للحفاظ على تراث الماضي حتى وإن كانت بعض تصرفات بعض الشخصيات غير منطقية حسب المقاييس المعاصرة.
وفي العقود الأخيرة بدأ الحديث مرة أخرى عن ضرورة إعادة الانصهار المتبادل بين الدين والعلوم بهدف تحقيق نهضة شاملة تشمل الجانبين الروحي والمادي للفرد والمجتمع. تتضمن الدعوة لذلك مجموعة خطوات عملية كتدريس العلوم الدينية ضمن المناهل الأكاديمية العامة لدعم فهم أفضل للعلاقة بين الله والإنسان وما هو حوله. بالإضافة لاستخدام وسائل الاتصال الحديثة لنشر ثقافة احترام اختلاف الآراء وتقبل الرأي الآخر كجزء أساسي لبقاء أي مجتمع متنوع ومتغير.
إن هدف توضيح مدى أهمية التواصل المستمر بين العلم والمعرفة الدينية يكمن أساسا في منح البشر القدرة على حل القضايا العالمية المعقدة بطريقة مدروسة ومستنيرة روحانيا. وبالتالي إن تكامل هذين الجانبين سيولد بيئة صحية للمشاركة والإنجاز المشترك مما يعود بالنفع علي الجميع .